وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، التحية والشكر إلى شباب مصر العاملين بالعاصمة الإدارية الجديدة، ووصفهم بـ "الأيدى العفية" التى تبنى وتعمل، وتحولت بجهدهم قطعة من الأرض كانت صحراء قبل فترة، إلى صرح معمارى حضارى. جاء ذلك خلال مشاركة الرئيس، العمال والمهندسين العاملين بالعاصمة الإدارية، فى مائدة سحور أولى ليالى شهر رمضان الكريم، حيث حرص على مشاركتهم فى تناول وجبة السحور قبل توجهه لافتتاح مركز مصر الثقافى الإسلامى، بالعاصمة الإدارية. واستهل الرئيس حديثه للعاملين بالعاصمة الإدارية قائلا: "أرجو ألا نكون أثقلنا عليكم جميعا، وألا نحرم الأسر من سحور أول يوم للشهر الكريم، لكن كان من المهم أن نكون سويا فى هذه المناسبة المهمة". وأعرب الرئيس، عن شكره لجميع العاملين فى العاصمة الإدارية الجديدة، قائلا: أشكر الشباب و"الأيدى العفية" التى تبنى وتعمل بالعاصمة، على مدار الأعوام الماضية، مشيرا إلى أن هذه القطعة من الأرض، التى كانت صحراء أضحت صرحا معماريا حضاريا، بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل العاملين فيها، الذين قاموا بمجهودات وأعمال رائعة. وأعرب الرئيس عن خالص أمنياته أن تشهد مصر أياما طيبة وجميلة، وفيها كرم الله سبحانه وتعالى. رافق الرئيس السيسى فى مائدة السحور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، ومفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، ووزير الخارجية سامح شكرى، وعدد من المسئولين وكبار رجال الدولة، إضافة إلى عدد من الدبلوماسيين العرب والأفارقة والمهندس سيد فاروق رئيس شركة المقاولون العرب وأعضاء مجلس الإدارة ورؤساء القطاعات ومديري الفروع والإدارات وعدد كبير من العاملين المشاركين في بناء العاصمة الجديدة ومركز مصر الإسلامي. عقب ذلك، توجه الرئيس إلى مركز مصر الثقافى الإسلامى، حيث شهد إزاحة ستار افتتاحه رسميا، واستمع إلى شرح تفصيلى من أحد قيادات القوات المسلحة المشرفين على تنفيذه، أوضح فيه أن المشروع يقع على محور بن زايد الشمالى ويرتفع 24 مترا عن مستوى سطح المنطقة الشمالية. وقال إن المركز الثقافى يتكون من مركز إعلامى ومكتبة عامة، وأماكن لتحفيظ القرآن، إضافة إلى 160 محلا تجاريا تخدم المصلين، كما توجد ساحة علوية تتسع لـ 55 ألف مصل، فى حين يسع المسجد نفسه نحو 12 ألف مصل، والساحة الشمالية والسفلية 61 ألف مصل، إضافة إلى ألفى مصل داخل المركز، بإجمالى 130 ألف مصل للمسجد بالكامل. ويحتوى المركز على مبنيين، يسع كل مبنى نحو 300 فرد، و"دار القرآن" مقسمة إلى 30 ديوانا، كل ديوان خاص بجزء من القرآن الكريم، بخلاف المناطق الداخلية للأبحاث والندوات التى تتم داخله. وأضاف قائلا: "يوجد لدينا مصحف سيدنا عثمان - رضى الله عنه ــ وهو عبارة عن 1087 صفحة، وهو أكبر مصحف لسيدنا عثمان، كما يوجد مصحف آخر مكون من حوالى 400 صفحة فقط". بعد ذلك تفقد الرئيس دار القرآن الكريم، واستمع إلى شرح تفصيلى من الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار الرئيس للشئون الدينية قال فيه إن الدار تتكون من 30 ديوانا، كل ديوان جرى "نقش" جزء كامل من القرآن الكريم على جدرانه، ليعيش من يزور كل ديوان، فى قلب هذا الجزء من القرآن. وأشار الأزهرى إلى أن المكان تحيطه الزخارف الراقية المنحوتة فى الحجر، موضحا أن كل ديوان يشتمل على 20 صفحة منقوشة نقشا على الحجر. وأضاف أن كل جزء فى المكان ناطق بآيات القرآن الكريم والزخارف البديعة التى تملأ وعى الإنسان، والجو المحيط به بجلال العظمة، لافتا إلى أن من القيم التى نرسلها للبشرية من الجزء الأول من القرآن الكريم (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ)، وهى أول رسالة العلم نتوجه بها من الدار إلى العالم بأكمله. وبعد ذلك، اصطحب الأزهرى الرئيس إلى ديوان آخر به "سورة يوسف"، ثم تابع الرئيس جولته متفقدا دواوين أخرى منها الديوان 26، وبه سورتا الفتح والحجرات، وقال الأزهرى: "من سورة الحجرات نأخد للناس قيمة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، بينما تنطلق نظريات وفلسفات مغلوطة تدعى أن علاقة الشعوب والأمم والحضارات هى الصدام والصراع، بينما القرآن الكريم يقول (لتعارفوا)، ويمكننا تقديم نظرية إلى العالم عن (تعارف الحضارات)". وأضاف الأزهرى أن هناك ثلاثة مواضع فى القرآن الكريم وصفها الله بالأمان، الأول، جنات النعيم، (إِنَّ المتقين فِي جَنَّات وَعُيُونٍ، ادخُلُوهَا بِسَلَـمٍ ءَامِنِينَ)، والموضع الثانى، المسجد الحرام، (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)، أما عن الموضع الثالث فكان عن مصر(ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)، وأخذنا كلمة (آمنين) من الآيات الثلاث وتم تثبيتها وتكبيرها فى الموضع المذكور بكل آية. وأشار إلى أن مصر ذكرت فى التوراة والإنجيل والقرآن الكريم، وكذلك سيناء أيضا، فى إشارة إلى ما تحظى به مصر من تقدير فى سائر الكتب السماوية والوحى الإلهى. واختتم الرئيس جولته بتفقد أثمن ما أهدى إلى "دار القرآن" وهو مصحف سيدنا عثمان، ويزن 80 كيلو جراما، ويشتمل على 1087 صفحة بالخط الكوفى القديم غير منقوط أو مشكل أو مقسم إلى أحزاب وأرباع. وقال الأزهرى إن هذا المصحف ظل محفوظا فى مسجد عمرو بن العاص على مدى 400 عام، ثم انتقل إلى المدرسة الفاضلية، وصاحبها اشترى المصحف الشريف بـ 30 ألف دينار ذهبا، تقديرا وتعظيما للمصحف، ثم أنشأ له السلطان الغورى قبته الخاصة، ليودع فيه المصحف الشريف، ووثق أنه مصحف عثمانى، ثم نقل على يد أسرة محمد على باشا إلى قلعة صلاح الدين (مقر حكم مصر)؛ اعتزازا عبر التاريخ بهذه النسخة شديدة الندرة من المصحف الشريف، ثم نقل إلى مسجد سيدنا الحسين ثم مسجد السيدة زينب فى مركز المخطوطات فى الأوقاف ثم جرى إيداعه فى "دار القرآن" بالعاصمة الإدارية. وقال إن السلطان الغورى صنع لهذا المصحف الشريف حافظة من الجلد المذهب نفيسة للغاية، وبسبب "الزخارف النفيسة الموجودة عليها"، جرى وضع مرآة ترى من خلالها الزخارف. واختتم الأزهرى شرحه بأن دار القرآن ستكون مقصدا للزائرين من أنحاء العالم، ومنارة وهدية مصر للعالم بأكمله. وعقب ذلك أدى الرئيس السيسى صلاة فجر أول أيام رمضان المبارك، فى مسجد مصر، بالعاصمة الإدارية. كما أدى الصلاة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ومفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، والفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، ووزير الخارجية سامح شكرى، وعدد من المسئولين وكبار رجال الدولة والمهندس سيد فاروق رئيس شركة المقاولون العرب. علي جانب آخر أوضح المهندس أحمد عباس عضو مجلس الإدارة أن مركز مصر الثقافي الإسلامي قامت بتنفيذه شركة المقاولون العرب تحت إشراف الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وقد شارك في تنفيذه 8000 مهندس وفني وعامل من جميع فروع وإدارات شركة المقاولون العرب وهو يتوسط قلب الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة وهو يتسع لعدد 107 ألف مصلي ,و تبلغ مساحة المسجد 19100 متر مربع ويحتوي علي 3 مداخل رئيسية يعلوها قباب إسلامية بالإضافة إلى مدخل خدمى رابع , ويتكون المسجد من صحن الصلاة بمساحة 9600 متر مربع يعلوه قبة إسلامية رئيسية بقطر داخلي 29.5 متر , بلغ وزن القبة 45 طن وتم رفعها بواسطة 24 رافع هيدروليكي واستغرق رفع القبة 4 أيام لإجراء عملية الرفع والتثبيت. ويضم المسجد 6 قاعات تبلغ مساحة القاعة الواحدة 350 م2 و تعلو كل منها قبة إسلامية. أما بالنسبة للمآذن فهى الأعلى ارتفاعا حيث ترتفع المأذنتين حوالى 140 م عن سطح الساحة العلوية , تبلغ المساحة الكلية للواحدة 1600 م2 وهي مزودة بعدد 2 أسانسير لكل مئذنة ,كما يتوفر بالدور الأرضى للمئذنة الفراغات المختلفة من حمامات ومتجر هدايا ومكتب إداري وغيرهم من الخدمات اللازمة للمبنى , ويتوسطه سلم شرفي يصل لارتفاع 133 م من المئذنة مع مصعد لذوى الإحتياجات الخاصة. بالإضافة إلى الأرقام القياسية التي تم تسجيلها أثناء تنفيذ مسجد مصر والمركز الثقافى فقد تم استخدام طرق تنفيذ لم يتم العمل بها من قبل تتمثل فى تنفيذ القبة الرئيسية للمسجد تم تنفيذها على الأرض من الحديد الصلب عالي المقاومة وتم عمل تشطيبات من الخارج والداخل وكذلك تثبيت حوامل النجف الرئيسية قبل رفع القبة.