العلم والقرآن
العلم والقرآن {1{
(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) سورة النحل
الراقصة .. ومملكة النحل
من أغرب ما قرأت في عالم الحشرات بحث للعالم النمساوي كارل فون فريش الحائز علي جائزة نوبل في الطب [ الفسيولوجيا ] كشف فيه عن لغة غريبة للتخاطب بين النحل عبارة عن رقصات خاصة تقوم بها النحلة الكشافة لتنبئ بها أخواتها عن وجود الرحيق الحلو وتحدد لهن موضعه تحديداً دقيقاً من حيث زاوية الإتجاه بين قرص الشمس والخلية.. وقد دعاني هذا الإكتشاف للبحث والتفكير في خلق هذه الحشرة الصغيرة التي أفرد لها المولي عزوجل سورة بإسمها في كتابه العزيز ..وسبحان الله علي ماوجدت من غرائب وعجائب لا تعد ولا تحصي طبقاً للحقائق العلمية سأتناول ثلاث منها فقط وبإيجاز لنري عجائب قدرة الله في خلقه..
العجيبة الأولي : جسم النحل
يعيش النحل في معظم بقاع العالم، ويتراوح حجمه ما بين 2 مم إلى 39 مم تقريباً ويتكون من رأس يوجد في مقدمته قرنا استشعار، وفم عبارة عن عدة أجزاء منها ما يشبه الفكوك والشفاه واللسان ، تقوم متعاونة مع بعضها بإمتصاص الرحيق وهي مزودة بغدد تحت البلعوم لإفراز الغذاء الملكي و الشمع و الرائحة ,وأما بالنسبة لعين النحلة فيقول كارل فون فريش " تتألف عين النحلة من خمسة آلاف وحدة بصرية [ 5000 ommatidies] ، على شكل أنابيب ، متراصة و مائلة تتجمع جميعها في اتجاه عصب الإبصار ، وكل أنبوب منها محاط بغشاء أسود لا يسمح بمرور الضوء ، ليجعل من كل وحدة على حدة عوينة بسيطة مستقلة عن العوينات المحيطة بها كما اتضح أيضاً من الدراسات الحديثة أن النحل يسمع وأن أعضاء السمع لديه مهيأة جدا لإلتقاط الأصوات المصاحبة للرقصات وأن الصوت والرقص ـ كليهما ـ ضروريان لنقل المعلومات الدالة على موضع الطعام,أما صدرالنحلة فينقسم إلى ثلاثة أقسام يوجد في كل قسم منها زوج من الأرجل ، وزوجان من الأجنحة للنحلة البالغة تساعدها على الطيران , إلا أن معظم تجويف الصدر تحتله الأكياس الهوائية ذات الجدرالرقيقة التي تتصل بالخارج من جهة وبمختلف أعضاء الجسم من الجهة الأخرى أما بطن النحلة فيتكون من ست حلقات وتوجد فيه القناة الهضمية وأعضاء الإخراج ، والجهاز التنفسي ، وغدتا سم واحدة قلوية وأخرى حمضية وآلة اللسع ,وتستطيع شغالة نحل العسل جمع حبوب اللقاح في مخزن خاص موجود في الأرجل الخلفية ويساعدها في ذلك الشعيرات الكثيفة المتفرعة الموجودة على جسمها، حيث يلتصق بشعيرات جسم النحلة عدد كبير جداً من حبوب اللقاح، وهو يتراوح ما بين من 250 ألفاً و6 ملايين حبة لقاح
العجيبة الثانية : بيت النحل "الخلية"
تعد الخلية بمثابة مستعمرة يعيش فيها النحل، تضم ملكة واحدة، والمئات من الذكور، والألوف من الشغالات،والتي تعمل كخادمة تنظف المسكن في همة ونشاط، ومربية تطعم الصغار وتسهر على راحتهم، ومهندسة بارعة في البناء والتصميم، تفوق أمهر المهندسين وتتفوق على أجهزة العصر في دقة القياسات، وحارسة أمينة تضحي بنفسها دون تردد أو فتور ضد أي عدو يهدد أمن العشيرة, ومستكشفة حيث تطير بحثاً عن الغذاء، فإذا وجدته عينت مكانه وأخذت معها عينة للخلية، وتقوم بنقل المعلومات لبقية الفريق عن طريق حركات معينة تحدد بها بُعد مصدر الغذاء واتجاهه، فتسعى العاملات إليه مباشرة وتجمع بواسطة خرطومها المعقد الشافط ، والذي يمكنها من الوصول إلى داخل الزهرة ولكي يجمع النحل مائة جرام من العسل لا بد من زيارة نحو مليون زهرة، ثم يقوم فريق آخر من الشغالات بالتهوية بأجنحتها لتتطاير الرطوبة ويتركز السائل فيصير عسلاً، وبعد ذلك يقوم فريق آخر من النحل بالتأكد من أن العسل قد نضج، فيغلق العيون السداسية بطبقة رقيقة من الشمع لتحتفظ به نظيفاً حتى تحتاج إليه في الشتاء عندما تخلو الحقول من الأزهار,ومن عجائب النحل ظاهرة يسميها العلماء ظاهرة السكر عند النحل، فبعض النحل يتناول أثناء رحلاته بعض المواد المخدرة وبعد تعاطيه لهذه "المسكرات" تحدث له بعض أعراض السكرمثل الإنسان ، وقد لاحظ العلماء أن في كل خلية نحلات مزودة بما يشبه "أجهزة الإنذار"، تستطيع تحسس رائحة النحل السكران وتقاتله وتبعده عن الخلية!!
العجيبة الثالثة : زي العسل
قوله تعالي ? يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ? هذا الشراب لم يتحول بعد إلى عسل، ويتم تحويله إلى عسل بخفض المحتويات المائية حتى لا تزيد نسبة الرطوبة فيه عن : 14- 18 % بفعل التهوية التي تقوم بها الشغالات، ثم يتحول السكر الثنائي (سكروز) إلى أحادي (جلكوز – فركتوز) بفعل إنزيم الإنفرتيز الذي تفرزه غددها اللعابية، وبعد نضج العسل الذي يستغرق حوالي (من يومين إلي خمس أيام من تجميعه) تقوم الشغالات بختمه بغطاء شمعي دقيق للحفاظ عليه، وقد ثبت أن اختلاف كل من تركيب التربة والمراعي التي يسلكها النحل يؤثر تأثيراً كبيراً في لون العسل، فالعسل الناتج من رحيق أزهار القطن مثلاً يكون قاتماً، بخلاف عسل أزهار البرسيم الذي يكون فاتح اللون، ويتميزعسل شجر التفاح باللون الأصفر الباهت، و عسل التوت الأسود باللون الأبيض كالماء، وعسل أزهار النعناع العطري باللون العنبري ,ويشير لفظ ?كُلِي? إلى تغذيتها على رحيق الأزهار، وأكلها لحبوب اللقاح التي تجمعها باعتبارها المصدر الوحيد للبروتين، وهي تحتوي على بروتينات ودهون وسكريات وأملاح معدنية وفيتامينات،,وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن من فوائد العسل الأبيض أنه يساهم بشكل كبير فى تفادى الإصابة بأخطر الأمراض وهو مفيد جداً لجميع أمراض الكبد ويساهم فى علاج أمراض فقر الدم والقولون ومفيد جداً للمرأة الحامل ويستخدم كملين طبيعى و مطهر للأمعاء يفيد فى حالات الحميات والإلتهابات المعوية وهويمنع نمو البكتريا ويؤدى إلى قتلها لما يحتويه من مضادات حيوية و يعالج الكساح لوجود فيتامين ( د) به ويساعد على سرعة إلتئام التقرحات والجروح والسطوح الملتهبة ويزيد من قوة الإبصارويستخدم كمنوم معتدل ومهدئ جيد عندما يأخد قبل النوم ويكافح الأرق والصداع.
في النهاية لا أجد كلمات لأختم بها هذا المقال أجمل من كلمة سبحان الله وقول العالم كريس موريسون - رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك – بعد أن استعرض وظائف الملكة والشغلات في الخلية " لا بد أن يكون هناك خالقا أرشدها إلى كل تلك الأعمال العظيمة التي تقوم بها بإتقان بديع " .
عمرو صبري