حديث الشعراوى عن المولد النبوى الشريف
"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ :(128) سورة التوبة - الآية 128
عرف فضيلة الإمام الجليل محمد متولى الشعراوى ببلاغة كلماته وبساطة أسلوبه وجمال تعبيره وقد استطاع من خلال تقديم خواطره فى تفسير القرآن الكريم الوصول إلى أكبر شريحة من المسلمين فى جميع أنحاء العالم العربى وكلما أطل علينا الشيخ فى إحدى تسجيلاته القديمه والملائكيه يرتدى جلبابه الأبيض المتميز ويتكأ على أريكته ممسكاً بإحدى يديه كتاب الله والآخرى يشرح بها تتهافت عليه قلوبنا وحلقت حوله عقولنا من فيض ما فتح عليه الرحمن من فتوحات ربانيه
في هذا العدد ننقل لك عزيزي القارئ تسجيل نادر لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي وسط كوكبة من العلماء خلال الإحتفال بالمولد النبوي
بسم الله أحمده واستعينه وأصلي وأسلم على خير خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فما أسعدني أن أجتمع مع صفوة من العلماء والأدباء والمفكرين والمرتلين فإنني أحب أن أسمع منهم الكثير لأني لكل تعبير عبير ولكل زهرة أريج وإذا كنا نحتفل بميلاد خير الخلق فإننا نحتفل به في إطار قوله تعالى : {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } (سورة إبراهيم 5) وأيام الله تكون نصراً للدين وخذلان لأعدائه ولكن الأيام ظرف للأحداث فالأيام أو الزمن يشوب في الأحداث الذي يقع فيه فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الخاتم وإذا كان رسول الله لا معقب له لمنهج من مناهج السماء فإننا نعتبر البعث يوم والهجرة يوم والنصر في كل غزوة يوم ولكن هذه الأيام كلها فرع عن يوم الميلاد إذاَ فيوم الميلاد هو الأصل الأصيل الذي يتفرع عنه سائر الأيام التي تذكر الناس بها والحق سبحانه وتعالى حينما يرسل رسله إنما يرسلهم لسداد حركة الحياة وسداد حركة الحياه لا يتأتي إلا بأن يضع للخالق الصانع منهج هذه الصيانة فإذا أراد الإنسان أن يسعد مع الله وبالله فعليه أن يذكر المنهج الذي وضعه خالق الصنعة الإنسانية لتعيش على ضوءه وبذلك تؤدي الحركة سدادها في الوجود كله ونحن ضربنا مثلاً أن أي صانع صنعة من صناعات البشر يضع لها كتالوج يكون فيه إفعل كذا ولا تفعل كذا فإن تحسن تمسكنا بما وضعه صانع الصنعة وأدى الجهاز مهمته على أحسن مايكون وإن نحن خالفنا ذلك يتعطل الجهاز ويحصل فيه العطب وتحصل فيه الهرجلة كذلك خلق الله فإن أطعنا الله في المنهج الذي وضعه لخلقه أدت الصنعة مهمتها فإذا رأينا خلل في الوجود الإنساني فاعلم أن منهج من مناهج الله قد تعطل والحق سبحانه وتعالى حينما ختم رسالته إلى الخلق أجمعين ختمها برسول لا معقب له فكأنما استوفى الكمال المطلق ورَضِيَ الإسلام المطلق وأتم النعمة المطلقة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مبتدأ وخبر محمد رسول الله فإذا نظرنا إلى كلمة محمد نجدها الإسم ولها المسمى هى دليل رسول الله لأن محمد نشأ من أنفسهم وبينهم وعرفت أخلاقه من طفولته إلى أن بعث فيهم فكأن الصورة الحقيقية لضمان أن رسول الله إنما صنعه الله على عينيه ليؤدي مهمته أن ينظر فيه وهو طفل وينظر فيه وهو شاب وينظر فيه وهو مبعوث فتجده على استقامة الأمور كلها في الحياه فإن طفولته لم تكن كطفولة غيره وحركاته لم تكن كحركات غيره ولكنه مر بأشياء يشهد له فيها فإذا قلنا رسول الله نأخذ من محمد الذي عرفوه من قبل أن يرسل صدق رسالة الله فيه..
فالحق سبحانه وتعالى حينما يختار رسولاً ليرسله إلى أمة إنما يختاره من بيئته لا يمكن أن يأتي من بيئة أخرى ولذلك حين يقول تعالى "رسولاً من أنفسكم" ومن أنفسكم وممن عرفتموه وممن خبرتم أحواله فيجب حين ينادي فيكم أنه مبعوث من الله أن تعلموا هذه الحقيقة من سيرته فيكم قبل أن يبعث فستجدونه على أحسن خلق تجدون فيه الأمانة فيه التواضع فيه الشفافية فيه الحمية فيه الإباء فيه الحياء فيه كل صفة من صفات الكمال حتى أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل لطفولته جينات كما نشهدها في جينات الأطفال فمثلاً حين كان يلعب مع الصبيان ويجمعون الأحجار ليلعبوا بها أو يبنون بها بيت كان الأطفال مثله يضعون ثيابهم على كتفهم ليحمي لحمهم من ألم الحجارة ورسول الله بينهم فعل ذلك ولكنه فوجئ بمن يقول له عورتك فكان القوم كلهم عوراتهم ظاهرة ومحمد وحده عورته مستورة "تميز" في أمر واحد واضح لهم من الله وأيضاً حينما جاء عمه أبو طالب ليرمم زمزم جاءوا بالحجارة ففعل القوم كذا والأطفال يفعلون كذا وأراد محمد أن يفعل ذلك فتذكر قوله عورتك فسترها فسأله عمه العباس مال الذي جعلك لتفعل هذا فقال لأني سمعت من يقول لي عورتك يا محمد عورتك يا محمد فكأن الله أراد أن يستر عورته في وقت لا تكليف فيه مما نشهده لصبياننا.
...الرسول حينما دعا بدعوته لم يأتي بالمعجزة أولاً وإنما قال أنا رسول الله فآمن به قومه وخالفه بعض القوم فجاء القرآن بمعجزة لمن آمن بمحمد حين قال أنا رسول الله تاريخه الذي يعرفه قبل أن يقول أنا رسول الله،خديجة حيثيات إيمانها ماذا قالت،إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق،يعني مثل هذه الصفات فيه التي سبقت دعواه ولا يمكن إلا أن تكون من وحي الله ومأمور عليها حتى قبل أن يبعث،إذاً رسول الله محمد الذي تعرفونه رسول الله الذي أرسلته كما عرفتم ماضيه قبل أن يرسل اعرفوا مستقبله حين أرسل فنحن نريد أن نستقبل هذا الميلاد على هذا الضوء الكريم لتعرفوا أن الرسول كان مخلوقاً على أن يكون رسولاً وسيرته هى التي تؤكد صدق رسالته.. وسبحان الله الأحداث دائماً تتداخل ومثلما يقولوا تمهد الأقدار للأقدار أولاً الكعبة لماذا أراد قوم أن يهدموها؟!.. ليحولوا التعظيم إلى كنيسة صنعاء ويهدموا البيت (الكعبة) هدم هذه البيت يجب أن يتنبه له العرب نفسهم فلو هدم هذا البيت الذي هو الكعبة كانت مهابة قريش قد انتهت لأن قريش لا تأخذ مهابتها في الجزيرة العربية إلا بهذا البيت ولهذا لم يكن أحد يتعرض لقوافل قريش التجارية مظنة أن يأتي يوم لهذا البيت ولذلك نجد الآية الكريمة { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } (سورة الفيل) واقرأ قوله { لِإِيلَـ?فِ قُرَي?شٍ (1) إِ?لَـ?فِهِم? رِح?لَةَ ?لشِّتَا?ءِ وَ?لصَّي?فِ (2) فَل?يَع?بُدُواْ رَبَّ هَـ?ذَا ?ل?بَي?تِ (3) ?لَّذِى? أَط?عَمَهُم مِّن جُوعٍ? وَءَامَنَهُم مِّن? خَو?فِ? (4) } (سورة قريش) يعني عمل العملية وهى في جعلهم كعصف مأكول لكي يبقى لقريش المهابة أثناء تجارتها فتجعلها تذهب للشرق و تذهب للغرب وتذهب للشمال وتذهب للجنوب دون أن يتجرأ عليها أحد فإن لم يكن هذا الأمر لسقطت مهابة قريش،يقول تعالى:
{ لِإِيلَـ?فِ قُرَي?شٍ (1) إِ?لَـ?فِهِم? رِح?لَةَ ?لشِّتَا?ءِ وَ?لصَّي?فِ (2) } فيا من كنتم مستقبلين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعداوة فاعلموا إنما عظمتكم نشأت من حماية اللة لكم في هذا البيت.. والحق سبحانة وتعالى حينما يحدثنا عن آية الفيل يقول إذا أخبرت بشئ ممن تحقق صدقه فاعلم أن خبره أصدق من عيالك ولذلك يقول في أول السورة {ألم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} وهل رأي محمد عام الفيل كيف وهو آنذاك وليداً لا يرى ولكن إخباري لك أصدق من عينيك لأن عينيك قد تكذبك ،يقول تعالى {ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيراً ابابيل} (سورة الفيل)،الذين يحبون أن يقربوا المفاهيم الإعجازية بعقول ناشئة مادية يحاولون القول بأن هذا ميكروب أقول لهم الميكروب له حضانه والميكروب لا يميز فكيف يأتي لهؤلاء الأعداء ولا يأتي لباقي القوم فيصيبهم , طيب هو الميكروب هينزل متعصب فيقضي عليهم ساعتها،(هذا خطأ) ،هذا الميكروب لابد أن يكون له حضانه مدة طويلة لكي يعمل ويكون مؤثراً...
فخذ هذا في إطار قدرة الحق وفي طلاقة قدرته فإذا كان الله قد جعل ميلاد رسول الله في عام الفيل فكأنه طهر المبنى ليطهر المعنى بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعض الأقوال المأثورة
لإمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوي
- إذا أخذ الله منك مالم تتوقع ضياعه فسوف يعطيك مالم تتوقع تملكه
- إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل
- إذا لم تجد لك حاقدا فاعلم انك انسان فاشل
- إلهى إن متكلى عليك وأمرى إن ضاق فوضته ربى إليك
- لا تقلق من تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون هو تنفيذ إرادة الله
- لن يحكم أحد فى ملك الله إلا بمراد الله
- لا يقلق من كان له أب .. فكيف يقلق من كان له رب
- لن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله
- اللهم إنى أسألك أن تجعل ما وهبتنا مما نحب
- الذين يغترون بوجود الأسباب نقول لهم اعبدوا واخشعوا لواهب الأسباب وخالقها
- أقل الصالحات هو أن يترك الصالح على صلاحه أو يزيده صلاحا
- العين قد تخدع صاحبها ولكن القلب المؤمن لا يخدع صاحبه أبدا
- عطاء الله سبحانه وتعالى يستوجب الحمد.. ومنعه العطاء يستوجب الحمد
- إن الحياة أهم من ان تنسى ولكنها اتفه من ان تكون غاية
- من خلصت لله نيته تولاه الله وملائكته
- اللهم إني أسألك ألا تجعل المصائب إلا عوناً لنا على اليقين بحكمة خالقنا