شكر النعمة سبب لدوامها وجحودها سبب لزوالها
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترضيه ونؤمن به ونتوكل عليه ثم أما بعد فإن شكر الله على نعمه والإعتراف لله بفضله والإمتثال لأوامر الله ونواهيه والإلتزام بطاعته وإستخدام هذه النعم فيما يرضى الله عز وجل يكون سبباً فى جزاء الشاكرين بدوام نعم الله ونمائها وسبب فى النجاة من غضب الله ونقمته وعذابه الذى ينزل على الجاحدين لنعمه قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [سورة: إبراهيم - الأية: 7] قال تعالى:(نّعْمَةً مّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ)[سورة: القمر- الأية: 35]
وعندما أنعم الله سبحانه وتعالى بنعمه الكثيرة على سيدنا موسى عليه السلام حيث إصطفاه واختاره من بين الناس في زمانه برسالته وبتكليمه بغير واسطة ( وكلم الله موسى تكليماً) طلب من سيدنا موسى أن يقابل هذه النعم العظيمة بالشكر قال تعالى: (قَالَ يَمُوسَىَ إِنّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مّنَ الشّاكِرِينَ) [سورة: الأعراف - الأية: 144]
والرسول عليه الصلاة والسلام يحض على تقديم الشكر لمن يقدم المعروف والمساعدة والعون فعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله ? يقول على المنبر من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بنعم الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمه والفرقة عذاب 0 فإذا كان ذلك مطلوب لمن يقدم الفضل من البشر فمن باب أولى تقديم الشكر لله عز وجل على نعمه وآلائه التى لا تعد ولا تحصى وإستعمالها فى الطاعة وليس فى المعاصى فهناك بعض الناس من يرزقه الله المال يبادر الله فى المعاصى فى حفلات الزاوج وأعياد الميلاد من الإسراف والتبذير وهذا يكون فتنه لا زينه
وقصة الأبرص والأقرع والأعمى التى يحكيها لنا رسول الله ? فيها العظات والعبر لأولى الألباب وترشدنا إلى أن نعم الله على عباده هى إختبار وإبتلاء وإمتحان لهم فمن وفق فى الإمتحان والإختبار بنجاح نال رضاء الله واستحق دوام تلك النعم وزيادتها ومن تعثر ورسب فى الإمتحان حرم رضاء الله واستحق زوال تلك النعم فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله ? يقول إن ثلاثة فى بنى إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص فقال أى شيئ أحب إليك ؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عنى الذى قذرنى الناس فمسحه فذهب عنه قذره وأعطى لوناً حسناً وجلداً حسناً قال الملك أى المال أحب إليك قال الإبل فقال الملك بارك الله لك فيها
ثم أتى الأقرع قال شعر حسن ويذهب عنى الذي قذرنى الناس قال فمسحه فذهب عنه وأعطى شعراً حسناً قال الملك أى المال أحب إليك قال البقر فأعطى بقرة حاملاً فقال الملك بارك الله لك فيها ثم أتى الأعمى فقال أى شيئ أحب إليك قال أن يرد على بصرى فأبصر به الناس فمسحه فرد الله إليه بصره قال أى المال أحب إليك قال الغنم فأعطى شاة والداً فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد البقر ولهذا واد من الغنم ثم أتى الملك الأبرص فى صورته فقال رجل مسكين قد إنقطعت بى الجبال فى سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذى أعطالك اللون الحسن و الجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ عليه فى سفرى فقال الحقوق كثيرة فقال الملك كأنى أعرفك الم تكن أبرص يقذرك الناس فقيراً فأعطاك الله فقال إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر فقال الملك إن كنت كذاباً فصيرك الله ما كنت فجحد نعمة الله ثم أتى الأقرع فرد عليه مثل ما رد عليه الأبرص ثم أتى الأعمى فى صورته وهيئته ثم سأله بالذى رد عليه بصره فقال كنت أعمى فرد الله على بصرى فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم شيئاً أخذته لله ( لا أشق عليك برد ما تأخذه أو تطلبه من مالى لله ) فقال الملك أمسك مالك فإنما إبتليتم فقد رضى الله عنك وسخط على صاحبيك رواه البخارى ومسلم 0
ومن رزقه الله العمل فعليه أن يجهتد فى عمله ويخلص فيه ( إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه فهذا شكر لله )
اللهم أكتبنا من الشاكرين لنعمك والمعترفين بفضلك والخاضعين لعزتك والمسلمين لقدرتك والراجين لعفوك والسائلين لكرمك والطامعين لرحمتك
مشاركة الزميل
ناصر خطاب