الواحة

المراقبه

صديق عزيز أصيب بورم فى جسمه واستغرق الأطباء اسبوعين لمعرفة ماهية هذا الورم بإجراء الفحوصات والتحاليل والأشعه , والحمد لله تبين أنه ورم من النوع "الحميد " وأن علاجه سيستغرق زمناً قصيراً بإذن الله تعالى .
حقاً لقد أسعدنى نجاة صديقى من الظن بأنه قد اصيب بورم غير حميد وحمدت الله على ذلك ولا زلت ادعو له بالسلامة والشفاء التام العاجل .
حكى لى صديقى عن هذه التجربه .. كيف كانت المفاجأه بظهور الورم .. وكيف قضى هذين الأسبوعين فى كابوس ثقيل انتظاراً لظهور نتيجة الفحوصات .. وأنه قد أخبر من يثق فى أمانته بما له وما عليه من حقوق مستحقة لله تعالى أو للعباد استعداداً للرحيل .
مع شدة تأثرى بتجربة صديقى المؤلمه ومشاركتة الإحساس بما مر به من قلق طوال أسبوعين , ثم الفرحة بظهور نتيجة الفحوصات على غير ما كان يخشاه , إلا أننى – وبعد هدوء العاصفة – أود أن أهمس فى أذن صديقى ببعض الخواطر , وكيف تبين لنا شريعتنا الغراء كيفية التعامل مع مثل هذه الأحداث , خاصه لعلمى بمدى عمق إيمانه وحرصه على اتباع تعاليم نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.
إن إحساس صديقى العزيز بمفاجأة إصابته بالمرض وقرب الرحيل هو بمثابة قول جندى الحراسة بأنه فوجئ بهجوم العدو لتبرير فشله فى الدفاع عن موقعة نتيجة لعدم يقظته فى مراقبة الموقع المعين لحراسته .
إن المؤمن يؤمن إيماناً كاملاً بأن بقاءه فى الدنيا مقدر ومحدود , وأن عليه أن يكون دائماً مستعداً لمقابلة الحق سبحانة وتعالى فيكثر من عمل الصالحات استعداداً لهذا اليوم قال تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (الكهف 110) وكما قال الرسول الكريم ( من أحب لقاء الله احب الله لقاءه ) , وعلى المرء مراقبة نفسة حتى لا تهوى به فى مسالك الشيطان كما يراقب الجندى موقعه حتى لا يباغته العدو وهو فى غفله .
المراقبة لله ولرسولة هى أن تفكر فى أى قول أو فعل تنوى قوله او فعله ثم تعرضه على شرع الله تعالى وهدى رسوله الكريم , فإن وافقهما فامض فيه , وإلا فاعدل عنه لغيره يقول النبى صلى الله عليه وسلم ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداُ واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا).
إن أكثر مراتب المراقبة فعالية هى تقوى الله , وهى أن يجدك حيث أمرك وأن يفتقدك حيث نهاك , وكما روى عن الإمام على رضى الله عنه قوله عن التقوى فيما معناه :” هى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل ".
إن أشد أعداء الإنسان هو إبليس وأعوانه من شياطين الإنس والجن , ونفسه التى بين جنبيه لأن النفس مطية الشيطان , منها يتسلل إلى القلوب الغافلة ولكن إذا علم المؤمن أن كيد الشيطان ضعيفاً وأنه لايمكنه التأثير على قلب المؤمن المتيقظ والمراقب لربه والمتمسك بهدى نبيه صلى الله عليه وسلم فقد قال تعالى(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً )( النساء:76) فإذا أيقن العبد بمعية الله وحفظه لعباده المخلصين ، عاش آمناً في الحياة الدنيا مطمنئناً بلقاء الحق سبحانه وتعالى في صحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولائك رفيقا ، قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل : 97).
وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) (فصلت) .
إعداد محمد موسى