البيئة في الفقه الإسلامي
لا شك أن موضوع البيئة والاحتباس الحراري والتلوث البيئي من المواضيع المطروقة بكثرة في جميع القنوات والإذاعات وفي اجتماعات الدول الكبرى في الآونة الأخيرة، ونجد أن جميع دول العالم بدأت تدرك عظم هذه القضية الكبيرة والمهمة في حياة البشرية ، ولكن يظن البعض أن هذا الاهتمام بالبيئة ليس له أصل أو مستند في ديننا الإسلامي الحنيف، وهذا الاعتقاد خاطئ لأن الإسلام بين أهمية البيئة من جوانب عديدة وكثيرة.
ومن ذلك أن الإنسان مخلوق من البيئة، فالإنسان جزء من هذه البيئة ألا وهي الأرض، فآدم خلق من ترابها ثم أسكن الله ذريته في أنحائها، وأباح لهم الانتفاع بما فيها، وجعل نمو الإنسان بما يتغذى من أجزائها، فقد خلق الله الإنسان من طينها، وقدر الله له أن يعود مرة أخرى إلى جوفها ليختلط رفاته بترابها، ثم ليخرج منها يوم البعث: يقول ربنا سبحانه وتعالى: ? وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً ، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً ? (نوح 17 : 18 ) ، ويقول تعالى: ?مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ? (طه : 55)
كما أن الله تعالى اهتم بهذه البيئة لتكون صالحة للحياة البشرية، فهيأ البيئة المناسبة التي سيعيش فيها الإنسان، فالصانع الحكيم لم يسكن الإنسان في هذه الأرض إلا بعد أن هيأها له، قال تعالى:
? وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا ، وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ، مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ? (النازعات 30 : 33 ) فقد أصلح الله تعالى هذه الأرض بما خلق فيها من المنافع، وامتن على عباده بأن وفقهم لاستغلالها دون الإضرار بها، قال تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? (البقرة : 29 ) ).
وفي مقابل هذه التهيئة والإصلاح للبيئة أمر الله بالمحافظة على البيئة التي أصلحها الله للإنسان، فأمر عباده بالمحافظة على بيئتها، وقد نهى سبحانه عن كل فساد في هذه الأرض، فقال تعالى: ? وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ? (الأعراف : 56 )).
المهندسة عفاف مبروك
المشرف على جهازي الجودة والبيئة