بحضور وفد مصري رفيع ..
رئيسة تنزانيا تطلق إشارة البدء.. لملء خزان سد ومحطة «جوليوس نيريرى» الكهرومائية
أعطت الدكتورة سامية حسن رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة الإشارة ببدء الملء الأول لخزان مياه مشروع سد ومحطة جوليوس نيريرى الكهرومائية على نهر روفيـجـي بـتـنـزانيا، خلال الإحتفالية التي أقيمت بهذه المناسبة يوم الخميس 22 ديسمبر 2022، وحضرها وفـد مصرى ضم سامح شكرى وزير الخارجية و د.عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية كما حضره مسئولو التحالف المصرى لشركتي «المقاولون العرب»، و«السويدي اليكتريك » المصـريـتـين المنفذتين للمشروع.
تقدمت الدكتورة سامية حسن رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة، بخالص الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، على دعمه الكامل، ومساندته للدولة التنزانية، فى تحقيق حلمها الكبير، بتنفيذ مشروع سد ومحطة جوليوس نيريري الكهرومائية على نهر روفيجي بتنزانيا، كما تقدمت بالشكر للدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، على متابعته المباشرة لسير العمل بالمشروع، وزياراته المتكررة لمتابعة تقدم التنفيذ على أرض الواقع، وجهوده في تذليل جميع العقبات.
كما تقدمت بالشكر لمسئولى التحالف المصري لشركتي «المـقـاولـون الـعـرب والسويدي إليكتريك»، المنفذ لمشروع سد ومحطة «جوليوس نيريرى» الكهرومائية ولجميع العاملين من التنزانيين و المصريين الذين يواصلون الليل بالنهار ويعملون على مدار الساعة طوال العام، من أجل الانتهاء من هذا المشروع العظيم الذي يخدم الشعب التنزانى ويخلق آلاف الوظائف، ويسد فجوة الطاقة، ويحفز الاقتصاد، ويفتح بوابات واسعة للمستثمرين لضخ استثماراتهم في تنزانيا ,كما سيقدم الخزان أنشطة صيد خاضعة للرقابة من خلال إدخال الموائل البحرية مثل أفراس النهر والتماسيح مما يسمح أيضًا بإدخال عوامل الجذب السياحي المثيرة في الرياضات المائية، وصيد الأسماك، والإبحار ,ويحافظ على ما يصل إلى 400 هكتار من الأشجار سنويًا.
تعزيز التعاون الإقليمي
كما أكد وزير الخارجية سامح شكري أن مشروع سد «جوليوس نيريري» الضخم، الذي تم بناؤه بفخر بأيادٍ مصرية وتنزانية، يقدم مثالا حيا لما يمكن أن تحققه الدول الأفريقية من تنمية لصالح شعوبها عن طريق تعزيز التعاون الإقليمي البناء، ويعكس التزام مصر بدعم برامج ومشروعات التنمية في دول حوض النيل، موضحًا أن التعاون بين دول حوض النيل ممكن وفعال عندما تتوافر الإرادة السياسية.
وصرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن وزير الخارجية نقل تحيات وتهنئة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نظيرته التنزانية وإلى حكومة وشعب تنزانيا بهذه المناسبة التاريخية مؤكدا على عمق العلاقات التاريخية التى تربط بين مصر وتنزانيا.
وأضاف بأن المشروع يسهم بشكل فعال في تنمية دولة تنزانيا الشقيقة ، وإحداث نقلة نوعية في طبيعة التعاون المشترك على المستوى الاستراتيجي، ويعد دلالة على التزام مصر بدعم التنمية فى دول حوض النيل، كما أنه دليل عملي على تطور إمكانيات وقدرات الشركات المصرية التي توسعت فى السنوات الاخيرة فى تنفيذ مشروعات كبرى فى مجال البنية التحتية فى عدد من الدول الافريقية.
نهضة تنموية كبيرة
من جهته قدم الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية التهنئة إلى سامية حسن رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة ، وإلى شعب تنزانيا الشقيق بمناسبة الاحتفال ببدء ملء خزان مياه مشروع محطة وسد جوليوس نيريري للطاقة الكهرومائية والذي يحقق باستكمال تنفيذه نهضة تنموية كبيرة لدولة تنزانيا المتحدة ، ومردوده الإيجابي الكبير على المواطن التنزاني موضحا أن المشروع يمثل نموذجا للتعاون بين جمهوريتي مصر وتنزانيا المتحدة.
قال الدكتور عاصم الجزار إن هذا المشروع يجسد العلاقات المتميزة بين البلدين نظرا للدور المنتظر للسد والمحطة فى توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لجمهورية تنزانيا ، والسيطرة على فيضان نهر روفيجي، والحفاظ على البيئة.
أضاف الوزير أن هذا المشروع الضخم أعاد لأذهان الشعب المصرى حلم تنفيذ السد العالي على نهر النيل بمصر، والتحديات التي واجهت تحقيقه حيث استغرق تنفيذه 11 عاما، وكان للسد العالي دور كبير في تحقيق نهضة تنموية كبرى في مصر.
موضحا أنه وفي ظل العلاقات الأخوية مع الشعب التنـزاني فنحن نساعد فى تحقيق حلم مماثل للأشقاء في جمهورية تنزانيا، نظرا للدور التنموى الكبير الذي سيحققه السد لجمهورية تنزانيا المتحدة الشقيقة.
المشروع الضخم
أكد الوزير أن هذا الافتتاح يأتى تكليلا للمجهودات الضخمة لدولة تنزانيا فى سبيل تحقيق حلم إنشاء محطة وسد «جوليوس نيريرى» للطاقة الكهرومائية ، وشاهدا على أن الدولة التنزانية .. قيادة سياسية .. وحكومة وشعبا .. قادرة على تحقيق التنمية والتقدم والازدهار ، وكل ما يخدم الشعب التنزانى خلال فترة زمنية وجيزة، ومواجهة كل التحديات والمعوقات التي كانت تواجه تنفيذ هذا المشروع الضخم ، الذي يعد من أكبر المشروعات بالقارة الإفريقية مشيراً أن هذا الصرح العملاق ، هو خير شاهد على أواصر الصداقة ومتانة الروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين فى تنزانيا ومصر، وأن مـصـر لا ولـن تـدخـر جهدا لتقديم كل ما من شأنه تلبية احتياجات الاشقاء في تنزانيا، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتقدم والازدهار الذي يستحقه هذا الشعب العظيم تحت قيادته الرشيدة.
تكليف رئاسي
وأوضح المهندس سيد فاروق رئيس مجلس إدارة شركة «المقاولون العرب»، إن فكرة إنشاء سد ومحطة «جوليوس نيريرى» الكهرومائية الذى يُنفذه التحالف المصرى لشركتى «المقاولون العرب» و«السويدى إلكتريك» على نهر روفيجى بدولة تنزانيا، كانت بمثابة حلم يطمح إليه الشعب التنزاني منذ ستينات القرن الماضي حيث أن مياهه كانت تهدر على السواحل التنزانية في المحيط الهندي،و أشار فاروق إلى أن بدايات تحقيق هذا الحلم لاحت في الأفق عندما اجتمعت الإرادة السياسية التنزانية عام 2018 وقررت تحقيق هذا الحلم ، مستعينة بجهود أشقائها الأفارقة وعلى رأسها جمهورية مصر العربية والتي بدورها لم تألوا جهدا في تقديم يد العون في سبيل تنمية وتطوير مقدرات كافة الشعوب الأفريقية الشقيقة، وصدر تكليف رئاسي من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتحالف شركتي المقاولون العرب والسويدي إليكتريك بالدخول في عطاء تنفيذ هذا المشروع الضخم لما لهذا التحالف من خبرات تعاون مشترك ناجحة مسبقا في مجال مشروعات الطاقة خارج مصر. وبالفعل تم تسخير كافة إمكانات الشركتين في سبيل تقديم عرض تنافسي قوي، وبفضل من الله ودعم القيادة المصرية تمكن التحالف من الفوز بهذا العطاء العالمي والذي نافسنا فيه كبريات الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
تنفيذ جسم السد
و أوضح فاروق أنه تم توقيع التعاقد مع الحكومة التنزانية بحضور الرئيس التنزاني الراحل ودولة رئيس الوزراء المصري في 15 ديسمبر 2018 وبدأ العمل الفعلي على الأرض منذ بدايات عام 2019، وتمت الأعمال اللازمة لتحويل مسار النهر في نوفمبر 2019 إيذانا ببدء تنفيذ جسم السد الرئيسي ,مشيراً أن المشروع كانت تتم متابعته بشكل دورى من الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وبإشراف من وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
ويقول رئيس شركة المقاولون العرب أنه على الرغم من كافة التحديات والأحداث التي طرأت على العالم أجمع والتي بالطبع كانت لها تأثيراتها على المشروع، إلا أننا وبفضل من الله وتوفيقه نجحنا في إنجاز ثاني مراحل المشروع وهو إعادة تحويل النهر إلى مساره الطبيعي بعد إتمام نهو الجسم الرئيسي للسد في زمن قياسي إيذانا ببدء ملء البحيرة الرئيسية لتخزين المياه أمام السد والتي يصل مساحتها إلى 158 الف كيلو متر مسطح والمخطط الوصول بمناسيب المياه بها خلال موسمين أمطار لنتمكن من إجراء تجارب التشغيل على عدد تسعة توربينات لإنتاج الكهرباء بطاقة 2115 ميجا وات، والجاري استكمال تركيبهم بالتزامن مع ملء بحيرة السد.
قصة نجاح
وقال المهندس سيد فاروق إن تجربة إنشاء سد ومحطة "جوليوس نيريري" الكهرومائية على نهر روفيجي في بتنزانيا، برهنت بقوة على "نجاح التعاون المشترك بين دول القارة الإفريقية" وإن "التاريخ سيسجل هذا اليوم باعتباره قصة نجاح، ستتناقلها الأجيال، كما سيذكر أن دولة تنزانيا، صاحبة الإرادة القوية، والعزيمة الصادقة، قد سارت نحو تحقيق الحلم التنزاني، الذي أطلقه الرئيس الراحل جوليوس نيريري".
وأكد المهندس أحمد العصار النائب الأول لرئيس مجلس الإدارة إن خوض التحالف المصري وتصديه لتنفيذ هذا المشروع الضخم يعد في حد ذاته تحديا كبيرا ، حيث أنه وعلى الرغم مما لشركتي التحالف من باع كبير وخبرة متميزة في مجال مشروعات إنتاج الطاقة بصورها المختلفة، داخل وخارج البلاد، إلا أن مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الكهرومائية يعد من أعقد أنواع هذه المشروعات حيث أنه يتطلب خبرات من نوعيات غاية في التخصص والإحترافية لإدارة مشروع بهذا التعقيد الهندسي والحجم الهائل، خاصة وأن مسؤليات التحالف التعاقدية لم تقتصر على تنفيذ الأعمال فقط، بل امتدت لتولي كافة أعمال التصميمات وتوريد كافة المهمات اللازمة لنهو المشروع،
قبول التحدي
وأشار المهندس أحمد العصار إلى أن قبول هذا التحدي وضع على كاهل قيادات التحالف مسؤليات ضخمة خاصة وأننا هنا لا نمثل فقط شركتي التحالف ولكن نحمل على عاتقنا مسؤولية تمثيل مصر في تجربة فريدة لم يكن من المسموح فيها بأي خطأ ولا يمكن بأي حال قبول أدنى درجة من درجات الفشل.
وأضاف المهندس أحمد العصار على الرغم من أن ظروف العمل بمشروع سد ومحطة "جوليوس نيريري" الكهرومائية، على نهر روفيجي في بتنزانيا فى منطقة خطيرة ومنطقة حيوانات مفتوحة وغير ممهدة وأجواء مغايرة تماما للعمل داخل مصر إلا أن شركة المقاولون العرب تغلبت على ذلك نتيجة لخبراتها وانتشارها فى أرجاء القارة الإفريقية وقامت بتنفيذ مشروعات كثيرة فى نفس هذه الظروف بالعديد من الدول فى مشروعات الطرق والكبارى مثل مشروعاتنا فى نيجيريا والكاميرون والكونغو و ساحل العاج ، لكن الاختلاف بين طبيعة هذه المشروعات السابقة ومشروع سد ومحطة "جوليوس نيريري" الكهرومائية هو حجم المشروع والامتداد الجغرافى الهائل له.
تخطي كافة العقبات
وذكر النائب الأول لرئيس مجلس الإدارة أن مرحلة الإنشاء بالنسبة لمشروع السد قد قاربت على الانتهاء ونحن حاليا فى مرحلة ملء البحيرة فى نفس الوقت الذى نستكمل فيه التوريدات والمهمات الكهروميكانيكية للمشروع مؤكداً أن التحالف يعمل بأقصى مجهود ممكن للإنتهاء من تنفيذ المشروع بأكمله فى أسرع وقت إن شاء الله لكننا مرتبطين بأعمال توريدات متأثرة بالظروف العالمية الموجودة حاليا
ولذلك فاليوم ونحن بفضل من الله وتوفيقه نجحنا في تخطي كافة العقبات التي واجهتنا منذ بدء المشروع ونرى اليوم أن حلم الأشقاء في تنزانيا قد تجسد أمامنا وأصبح حقيقة واقعة أمام أعيننا ونحن نشارك إخواننا من الشعب التنزاني احتفالاتهم بإنهاء ثاني مراحل المشروع الرئيسية وبدء تخزين المياه في البحيرة الجديدة التي ستتشكل أمام السد بعد إكتمال إنشاء الجزء الرئيسي منه إيذانا ببدء عهد جديد للدولة التنزانية بعد تمكنها من تسخير المقدرات الطبيعية التي حباها بها الله، وسوف يساهم هذا الإنجاز بإذن الله في تحقيق مزيد من التطور والنمو والرخاء لكل أفراد الشعب التنزاني الشقيق، كما سيمثل تحقيق هذا الإنجاز مثالا حياً يحتذي به جميع الأشقاء الأفارقة ويبرهن للعالم أجمع على قدرة الأمم الأفريقية على النجاح سويا يدا بيد.
وفي نفس السياق، فإن هذا الإنجاز يعد تجليا لأسس التكامل الاقتصادي بين الشعوب الإفريقية وإعلان صريح أنه قد آن الأوان لأفريقيا أن تحقق نهضتها الاقتصادية بسواعد أبنائها، وبالطبع ستكون مصر دائما هي الشقيقة الكبرى السباقة دائما في مد أواصر التعاون والشراكة مع أخوانها في كافة أنحاء القارة السمراء في سبيل تحقيق الرخاء والتنمية المرجوة. أحدث أنظمة العمل
وأضاف المهندس حسام الدين الريفى عضو مجلس الإدارة أنه وعلى الرغم من أن هذه التجربة ليست الأولى على مدار تاريخ الشركة في التعاون مع الأشقاء الأفارقة، فللشركة فروع وشركات تعمل منذ عشرات السنين في العديد من الدول الأفريقية، إلا أنه تجدر الإشارة إلي أن هذه التجربة تعد الأكبر ليس فقط من ناحية حجم العمل وتعقيداته الفنية ولكن أيضا من ناحية حجم القوة البشرية الهائلة المشاركة في المشروع. فمشروعات السدود وما يلحق بها من محطات توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية تتميز بكونها مشروعات كثيفة العمالة، لتشعب وتعاظم الأنشطة بمختلف نوعياتها، مما يتطلب تعظيم دور المشاركة الفاعلة للأيدي العاملة المحلية، ولذلك فإن مشاركة إثنا عشر ألف فرد أغلبهم من أبناء الشعب التنزاني هو نتاج هذا التعاون، نالوا من التدريب على أحدث أنظمة العمل ما أهلهم للعمل بكفاءة ملحوظة على مستوى كافة قطاعات المشروع وفي مختلف المجالات سواء الفنية أو التنفيذية أو حتى الإدارية منها.
وأكدت مصر من خلال هذه التجربة الناجحة بالمشروع أن دورها لم ينحصر فقط علي بناء مكونات هذا المشروع بل أن دورها الأهم هو تأهيل هذا الكم الهائل من الأيادي العاملة المحلية ليكونوا نواة للقوى الدافعة للمشروعات التنموية ليس فقط على نطاق دولتهم ولكن لتمتد مشاركتهم في تنمية جيرانهم من الشعوب الأفريقية الأخرى. ولذا فإن حصيلة الطاقة البشرية الفاعلة التي أكتسبتها تنزانيا من هذا التعاون وما شهدته من تحديات بالمشروع أكسبتها الثقة في قدرتها على الإنجاز وثقلت مهاراتها الفنية والإدارية والتي لم تتدخر الشركات المصرية أي جهد في نقل خبراتها لهم، لهو برهان على نجاح هذه التجربة وتؤكد أن تعاون الجنوب جنوب لهو الحل الأمثل للنهوض بشعوب القارة السمراء.
تصنيف المخاطر
وأوضح المهندس أيمن عطية، نائب مدير التحالف ، المشرف على المشروع خلال شرحه للتحديات التي واجهت المشروع، واختلاف نوعيتها وتدرج حجمها طبقا لطبيعة المشروع والظروف المحيطة به، أنه تم تصنيف المخاطر التي يواجهها المشروع لقسمين تحديات ناتجة عن طبيعة المشروع وتحديات مستجدة نتيجة لظروف تزامن تأثيرها مع مراحل تنفيذ المشروع, أما عن القسم الأول فإن طبيعة مشروعات السدود والمحطات الكهرومائية بطبيعتها مليئة بالتحديات والمخاطر نتيجة عوامل عدة أهمها التعامل مع الظروف الطبيعية المختلفة من سيول وفيضانات حيث أننا في الأساس نقوم بعمل صناعي ضخم لترويض الطبيعة البكر المتمثلة في حجز مليارات الأمتار المكعبة من مياه الأنهار التي تجري في مسارها الطبيعي منذ آلاف السنين ، مما يتطلب حرص وإجراءات هندسية معقدة للتعامل مع المتغيرات الطبيعة والتي غالبا ما يكون تأثيراتها عنيفة إن لم تؤخذ في الحسبان. كما أن في الأغلب الأعم ما تكون مشروعات السدود في أماكن نائية ومتطرفة وغير مأهولة بالسكان، وهذا ما ينطبق تماما على مشروعنا، حيث يقع المشروع في منطقة طبيعية بكر تبعد عن أقرب نطاق عمراني بمئات الكيلومترات مما تطلب خلق مجتمع عمراني جديد داخل حيز المشروع لتمكين أطقم العمل من إنجاز أعمالها، وهو ما كان يمثل تحديا كبيرا للتحالف لإنشاء ما يمكن أن يطلق عليه مدينة صغيرة تسع قرابة الخمسة عشر ألف فرد مشتملة على الخدمات الأساسية من إسكان وعيادات طبية وأماكن ترفيه وخلافه، هذا عوضا عن شق شبكة من الطرق المؤقتة المستحدثة تجاوزت التسعين كيلومتر في وسط الغابات والأحراش للوصول إلى أماكن العمل بطريقة أمنة كل ذلك كان مطلوب تنفيذه في أسرع وقت ممكن لتمكين العاملين من بدء التنفيذ في التوقيتات المخططة دون تأخير. يضاف إلى هذه التحديات طبيعة المكان الواقع به مشروع سد جوليوس نيريري، فهو يقع داخل واحدة من أكبر المحميات الطبيعية العالمية محمية سيلوس والتي تندرج ضمن محميات التراث العالمي مما تطلب تعامل خاص مع الطبيعة عند الشروع في تنفيذ الأعمال خاصة مع التنوع الضخم من الحياة البرية الموجودة بالمحمية في ظل الحرص على تقليص أي تأثيرات سلبية يمكن أن تسببها الأعمال على الحياة الطبيعية وهو ما نجح فيه التحالف بفضل من الله وبشهادة جميع المتخصصين.
العملية الإنتاجية
أما عن القسم الثاني وهو المتغيرات الخارجية التي تزامنت مع مراحل تنفيذ المشروع فقد تأثر المشروع منذ بداياته بجائحة كورونا وما استتبعته من تأثيرات سلبية ليس فقط داخل نطاق المشروع ولكن امتدت إلى المصانع المنتجة للمهمات والمعدات المستخدمة في المشروع والتي تأثرت العملية الإنتاجية بها تأثر بالغ وصل في أحيان كثيرة إلى الإغلاق الكامل لفترات متفاوتة، وبفضل من الله وحرص إدارة التحالف على تطبيق أعلى درجات الإجراءات الاحترازية لكافة العاملين بالمشروع يضاف إلى ذلك حرص الحكومة التنزانية على إعطاء الأولوية للعاملين بالمشروع وتم الدفع بأطقم طبية متخصصة في حينه لتوفير التطعيمات اللازمة للعاملين داخل نطاق عملهم تم تقليص أضرار هذه الأزمة بنسبة كبيرة، كما سعي التحالف بالتنسيق مع المصانع الموردة لمضاعفة معدلات الإنتاج لتعويض أكبر قدر ممكن من الفقد في أزمنة التوريد المخططة ولا يخفى على أحد المستجدات التي يواجهها العالم حاليا نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية والتي ألقت بظلالها على سلاسل الإمداد في العالم أجمع وبالطبع امتد تأثيرها على انتظام سلاسل إمداد المشروع بالمستلزمات المختلفة، ولولا توفيق الله سبحانه وتعالى للإدارة التحالف وخبراتها وعلاقاتها المتشعبة مع الموردين والمصنعين وخطوط الشحن بمختلف أنواعه، لما كان يمكن للمشروع أن يصل إلى المراحل المتقدمة التي نشهدها اليوم.
الاحتفال الرسمي والشعبي
وأوضح المهندس دارم دبسي ممثل التحالف ومنسق المشروع أنه خلال مشاركتها في مؤتمر المناخ27 COP المنعقد بشرم الشيخ، قامت فخامة السيدة الدكتورة سامية حسن رئيسة الجمهورية التنزانية بدعوة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لمشاركة مصر في الاحتفال الرسمي والشعبي التي قادته سيادتها شخصيا، عرفانا بالدور المصري المدعوم من سيادة الرئيس شخصيا في تحقيق هذا الإنجاز, وقد لبى سيادة الرئيس الدعوة بإيفاد وفد رسمي رفيع المستوى ممثلا للحكومة المصرية على رأسه السيد السفير سامح شكري – وزير الخارجية، والسيد الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، كما شارك في الاحتفال عدد كبير من قيادات ورؤساء الهيئات والشركات الحكومية المصرية الداعمة للمشروع ممثلة في وزارات الخارجية والإسكان والكهرباء، كذلك كان على رأس الحضور قيادات البنوك المصرية المختلفة والتي كان لها الدور البارز في إتاحة كافة الخدمات المصرفية والتسهيلات الممكنة لشركتي التحالف، كما شارك في الاحتفالية وفد متميز من ممثلي الإعلام المصري والذين بدورهم نقلوا تغطية إعلامية متميزة لحجم الإنجاز ومدى سعادة الشعب التنزاني الشقيق بتحقيق حلمه و لمسوا شعور كل المصريين بالفخر لمشاركتهم في تحقيق هذا الإنجاز. وقد وجهت فخامة رئيسة الجمهورية التنزانية في خطابها للشعب التنزاني خلال الاحتفالية الشكر للشعب المصري ممثلا في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأكدت على تقديرها العميق لدعم سيادته للمشروع ومتابعته الدقيقة والتي كان لها الدور الأبرز في النجاح الذي تم تحقيقه على الأرض حتى الأن، كما عبرت فخامتها عن امتنان الدولة التنزانية حكومة وشعبا للمجهودات الكبيرة للتحالف المصري وأشادت سيادتها بالإنجازات التي شهدتها بنفسها قبل الاحتفال وطالبت الجميع باستمرار بذل الجهود بنفس الروح العالية للوصول بالمشروع للنتائج النهائية المرجوة.
شعور عظيم بالفخر
وقال المهندس أسامة شوقت مدير مشروع إنشاء مبنى التوربينات "إنه لشعور عظيم بالفخر" وأن ما اكتسبه العامل التنزاني من خبرة وثقة في امكاناته جاء بعد مجهود كبير من التدريب بالتعاون مع أشقائه المصريين وهو الدور الذي ينبع من المسؤولية التاريخية التي تضطلع بها مصر تجاه أشقائها من الشعوب الأفريقية في كافة المجالات.
وأشار المهندس ندا عاطف مدير مشروع إنشاء مفيض الطواريء والسدود الفرعية إلي أن حجم الإنجاز الذي تم لم يكن بالهين الوصول إليه، فمنذ بدء المشروع والعمل يسير على مدار الاربعة وعشرين ساعة في ورديات متتابعة تصل الوردية الواحدة لأكثر من عشر ساعات يوميا، بذل فيها جميع العاملين المصريين والتنزانيين أقصى مجهود ممكن لتحقيق المعدلات المستهدفة.
التحالف المصري
جدير بالذكر أن التحالف المصري "شركة المقاولون العرب" و"شركة السويدى إليكتريك"، المُنفذ للمشروع، كان قد وقع في ديسمبر 2018، بحضور رئيس جمهورية تنزانيا الاتحادية السابق، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، عقداً بقيمة 2.9 مليار دولار، في دار السلام بتنزانيا، لتنفيذ مشروع بناء سد، ومحطة توليد كهرومائية بقدرة 2115 ميجاوات، على نهر روفيجي بتنزانيا، بهدف توليد 6307 آلاف ميجاوات / ساعة سنوياً، تكفي استهلاك حوالي 17 مليون أسرة تنزانية، كما يتحكم السد في الفيضان لحماية البيئة المحيطة من مخاطر السيول والمستنقعات، ولتخزين حوالي 34 مليار م3 من المياه في بحيرة مُستحدثة بما يضمن توافر المياه بشكل دائم على مدار العام لأغراض الزراعة، والحفاظ على الحياة البرية المحيطة في واحدة من أكبر الغابات في قارة أفريقيا والعالم.
والمشروع يستهدف إنشاء سد بطول 1025 متراً عند القمة بارتفاع 131 متراً، وبه 7 مخارج للمياه، وتصل السعة التخزينية لبحيرة السد إلى 34 مليار م3، كما يضم محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجا وات، وتقع المحطة على جانب نهر روفيجي فى محمية "سيلوس جام" بمنطقة "مورغورو" جنوب غرب مدينة دار السلام (العاصمة التجارية وأكبر مدن دولة تنزانيا),ويضم المشروع (السد الرئيسى بالمشروع - محطة التوليد الكهرومائية وأعمال المأخذ، و3 أنفاق لمرور المياه اللازمة إلى مبنى التوربينات - محطة ربط للكهرباء - 4 سدود تكميلية لتكوين الخزان المائي - كوبرى خرسانى دائم على نهر روفيجى - إنشاء طرق دائمة لتسهيل الحركة وربط مكونات المشروع - المعسكر الدائم للعميل - تدبير الاحتياجات والمكونات الكهروميكانيكية للمشروع)
أرقام تعكس حجم الإنجاز
• كميات الخرسانة بالمشروع 3 مليون متر مكعب مما تطلب توفير محطات خلط عملاقة تصل أعدادها إلى 7 خلاطات تتراوح قدرة المحطة من 100 متر مكعب / ساعة إلى 320 متر مكعب /ساعة. وأيضا توفير الخامات من المنطقة المحيطة بالسد نظرا لعدم وجود محاجر او خامات بالقرب من المشروع داخل المحمية فتم تشييد عدد 5 كسارات بالمشروع تتراوح الطاقة الانتاجية من 120 طن / ساعة إلى 800 طن / ساعة وهي ثاني أكبر كسارة بالعالم كما تم توفير عدد 7 محاجر بالمشروع لتوفير الخامات والكميات المطلوبة . • أعلى معدل شهري لصب الخرسانات بالمشروع هو 200 ألف متر مكعب/ شهر وأعلى معدل يومي 11 ألف متر مكعب / يوم.
• يوجد بالمشروع عدد 4 سدود فرعية بأقصى ارتفاع 22 متر والتى يجري تنفيذها بمعدلات أعلى من البرنامج الزمنى المخطط حيث تم الانتهاء من عدد اثنين سد في مدة زمنية أقل من عام وجاري الانتهاء من الباقي حيث بلغت معدلات التنفيذ 11 ألف متر مكعب / يوم . وما يترتب عليه من توفير الخامات المطلوبة من المحاجر والمعدات والعمالة المهنية المحترفة وطاقم إشراف متمرس من قادة التحالف.
• بلغت عدد ساعات العمل بالمشروع حتى الآن 90 مليون ساعة حيث بلغ عدد العاملين بالمشروع إلى 12 ألف عامل من بينهم 90% من العمالة المحلية التى تم تدريبهم بواسطة الكفاءات المصرية بالمشروع وتم توفير السكن والاقامات كما يوجد مستشفى ميداني بالمشروع مجهزة بأحدث المعدات الطبية .
• تم توفير شدات لتنفيذ الأعمال الانشائية لمبنى التوربينات حيث يتم تنفيذ الأعمال بكامل المبنى في نفس الوقت حيث يحتوي على 35 ألف طن حديد و 400 الف متر مكعب خرسانة.
• تم تشييد الكوبري الربط بجانبى نهر روفيجي في فترة زمنية أقل من عام وذلك لنقل قطع التوربينات بأقصى حمولة 360 طن وذلك باستخدام العربات المتحركة ، وبلغ إرتفاع الأعمدة 50 متر وطول الكوبري 250 متر وعرض 11 متر .