أدوات المؤمن لتفريج الكروب
- أي إنسان منا لا بد أن يمر في حياته بمحطات اختبار وابتلاء من الله تعالى : [ ونبلوكم بالشر والخير فتنة ] فهذا يُبتلى في صحته وآخر في ماله أو عمله وآخر في ولده – وغير ذلك خيرا أو شرا ، والرسول صلى الله عليه وسلم في بشارة منه لمن يصبر أو يشكر على كل ما يُبتلى به من مضرة أو مسرة فيقول : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) .
- والإسلام – شريعة ومنهاجا – جعل هناك أدوات للإنسان يستعين بها لمواجهة أحزانه وكل ما يحيق به من مكروه وأذى حتى يستطيع أن يعبر أزمته بسلام ، فمن ذلك :
- إن حزن الإنسان على ضر أصابه هو أمر فطري ، والمطلوب من الإنسان ألا يستسلم للحزن حتى لا يفقد كل شيئ لأنه إن كان قد خسر شيئا فأمامه أشياء عليه ألا يفقدها وقد يكون وراء ذلك خيرا لا نعلمه ، فالمنحة – كما يقولون – تخرج من رحم المحنة قال تعالى : [ لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ] فهذه دعوة من الله تعالى في قرآنه لعباده ألا يحزنوا على ما فاتهم ، بل عليهم النظر إلى الماضي بعين الاستفادة حتى لا يكرر الإنسان الوقوع في أخطائه التي قد تكون سببا في مصيبته : [ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ] ولينطلق بعد ذلك إلى إصلاح حياته المستقبلية بالطاعات والفرار والتقرب إلى الله تعالى ، إذ قد تكون الحكمة من المصيبة هي تنبيه وتحذير الإنسان وتبصرته ليكف عن أخطائه ؛ كتقصير في العبادة أو ارتكاب معاصي أو ظلم الناس ومن ثم التوبة والرجوع إلى منهج الله ورسوله : [ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ] .
- ما يصيب المسلم في هذه الحياة الدنيا من أحزان ومصائب قد تكون سببا في تكفير سيئاته وخطاياه ومن ثم رفع درجاته عند ربه ، كما ورد في الحديث الشريف : ( ما يصيب المسلم من نصب ( تعب ( و لا وصب ( مرض ) ولا همّ ولا حزن ولا أذى ولا غمّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) ، مشيرا إلى أنه مهما تكن الأمور من حولنا قاسية فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي قرر لنا هذا : [ ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه ] وكما ورد في الأحاديث الشريفة :
- ( إن أكمل الناس إيمانا أشدهم ابتلاء – الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل ، وأن المؤمن يُبتلى على قدر دينه ، وإن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإذا أحب الله قوما ابتلاهم ، وإذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ) .
- إن الحزن إذا استسلمنا إليه فإنه قد يؤدي بنا إلى القنوط واليأس من رحمة الله : [ ومن يقنط من رحمة الله إلا الضالون ] – ومن وراء ذلك الهلاك والندم .
- لمواجهة الحزن والمصائب يجب أن يتقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه في كل الأمور، وبدراسة سير الأنبياء والصالحين وكيف واجهوا أزماتهم وذلك للتعلم منها ، وكذا المحافظة على الصلاة : [ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ] ، وكذا تلاوة القرآن الكريم : ( اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا ) ، والإكثار من الذكر والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : [ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله – ألا بذكر الله تطمئن القلوب ] ، وكثرة الاستغفار : (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل همّ فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) ، والدعاء : [ قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ] .
- كما يجب عدم تعظيم المشكلة بل تهوينها مهما كانت كبيرة ، مع عدم النظر إلى من هم أفضل منا حالا وأقل ابتلاء ، بل النظر إلى من هم أسوأ منا وأشد وأعظم ابتلاء ، والترويح عن النفس وذلك بالاتجاه إلى شخص قريب أو صديق حميم والتكلم معه والإصغاء إليه فربما وجد لنا حلا أو أفادنا برأي أو توجيه أو نصيحة في أمور كنا غافلين عنها ، فتخفف عنا من آثار الابتلاء .
- عند وقوع المصيبة نقول : [ إنا لله وإنا إليه راجعون ] ، ( اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ) [ وآخر دعواهم أنِ الحمد لله رب العالمين ] .
م. رزق الشناوي
نائب رئيس مجلس الإدارة الأسبق
دبلوم المعهد العالى للدراسات الإسلامية
دبلوم معهد إعداد الدعاه