لطائف إيمانية
نعلم ونؤمن بأن الله تعالى أحسن كل شئ خلقه ، وأن كل شئ عنده بمقدار ، وأنه فعال لما يريد ، وأنه لا يُـسأل عما يفعل ، وأنه سبحانه وتعالى عليم حكيم – عليم بشؤن عباده ، حكيم فيما شرع لهم وصنع من أجلهم وبما يحقق الخير لهم وبما فيه صالحهم وإن بدا لهم غير ذلك .
ولكن ذلك لم يغلق باب الاجتهاد لكي نفهم مغزى ومعنى بعض التكاليف الإلهية مستخدمين في ذلك ما أنعم الله علينا من عقل وعلم وإمكانات ، كل ذلك في حدود وداخل إطار مشيئته تعالى : [ ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء ] ، ومن أمثلة ذلك :-
1 - قد يتساءل البعض لماذا كانت الصلوات خمسا فقط في اليوم والليلة ، لا أكثر ولا أقل ؟
يقول العارفون أنه قد يكون وراء ذلك حكمتان ؛ أولاهما أن الله عز وجل يفعل في أوقات الصلاة أشياء لا يقدر على فعلها إلا هو سبحانه ، فعند طلوع الفجر يمحو الله ظلمة الليل ويأتي بضوء النهار [ من إله غير الله يأتيكم بضياء ] ، وعند الظهيرة ترتفع الشمس عند الاستواء ولا يقدر على ذلك إلا الله ، ثم تميل إلى أن يصير ظل كل شئ مثله وذلك وقت العصر [ ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ] ، وتستمر الشمس بأمر الله في ميلها حتى تمام غروبها [ والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ] وذلك هو وقت دخول صلاة المغرب ، ثم يختفي ضوء النهار ويأتي ظلام الليل – كآية من آيات الله [ وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ] وذلك وقت العشاء .
والحكمة الثانية من وراء جعل الصلوات خمسا قد تكون لشكر الله عز وجل على الحواس الخمس وهي : اللمس والشم والتذوق والسمع والبصر ؛ فنعمة اللمس أعطاها الله للإنسان ليميز بها بين شيئين هما الخشن والناعم فيكون شكر هذه النعمة بأداء ركعتين هما صلاة الصبح ، ونعمة الشم أنك تشم الرائحة من الجهات الأربع الأصلية فواجب عليك أن تشكر الله تعالى على هذه النعمة بأداء صلاة الظهر وهي أربع ركعات ، وحاسة التذوق تعرف بها الحلو والمر والساخن والبارد وهي أربعة – ومقابل ذلك أربع ركعات هي صلاة العشاء ، ونعمة السمع أنه تسمع من الجهات الأصلية الأربع فيكون شكر الله بأداء أربع ركعات هي صلاة العصر ، أما نعمة البصر فإنك ترى عن يمينك ويسارك وأمامك ولا ترى خلفك أي من ثلاث جهات فقط فمقابل ذلك أداء ثلاث ركعات هي صلاة المغرب
ونحن نقول أن الله تعالى أعلم بمراده [ وفوق كل ذي علم عليم ] ، وجدير بالذكر أن الصلوات خمس ولكنها بأجر خمسين ، وهي ركن الإسلام الوحيد الذي تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من رب العزة مباشرة في رحلة الإسراء والمعراج قبل الهجرة إلى المدينة المنورة – وليس عن طريق الوحي جبريل كما حدث مع باقي الأركان وهي الزكاة والصوم والحج التي نزلت جميعها - وحيا – في المدينة المنورة ، وفي الحديث الشريف : (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر) .
2 – وعن الحكمة من الاغتسال بالماء عند الغضب والوضوء قبل الصلاة فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( إن الغضب من الشيطان وأن الشيطان خُـلق من نار وإنما تُـطفأ النار بالماء ) ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ فبذلك يكون الوضوء – فضلاً عن كونه أمراً من رب العزة يثاب عليه وطهارة ونظافة – فهو مقدمة لا بد منها للمصلي ليؤدي صلاته هادئ النفس مطمئن القلب مستريح الأعصاب ، بعد أن يكون بالوضوء قد أبعد الشيطان ووسواسه عن دائرة تفكيره أثناء صلاته مما يحقق له الخشوع فيها وقبولها .
وقد اكتشف العلماء أنه في أثناء الوضوء تنتشر شحنات كهرومغناطيسية من رذاذ الماء تؤثر تأثيراً صحياً حسناً على جسم الإنسان المتوضئ حيث تسبب استرتخاءً عضلياً وعصبياً مما يزيل التوتر والإنفعال النفسي ، والله تعالى أعلى وأعلم .
مهندس / رزق الشناوي
نائب رئيس مجلس الإدارة الأسبق
دبلوم المعهد العالي للدراسات الإسلامية
دبلوم معهد إعداد الدعاه