حلو الكلام
عن الرضا والسلام
في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل عاش عم رضا مع أمه و زوجته وأولاده حياة سعيده وذات يوم تغيب عن العمل فقال سيده في نفسه : سأزيد أجرته من الغد حتى لا يتغيب عن العمل وبالفعل أعطاه الزياده ولكن عم رضا لم يسأله عن سبب ذلك ، وبعد فترة غاب العامل مرة أخرى ،فغضب سيده وقال : سأنقص ما زدته ولكنه لم يسأله أيضا هذه المرة أيضاً عن نقصان أجرته فإستغرب الرجل مِنْ ردة فعله ، وسأله زدتك فلم تسأل ، و أنقصتك فلم تتكلم فقال له عم رضا عندما غبت المرة الأولى رزقني الله مولوداً وحينها كافأتني بالزيادة ، فقلت هذا رزق مولودي قد جاء معه ،وحين غبت الثانية ماتت أمي ، وعندما أنقصت الدينار قلت هذا رزقها قد ذهب بذهابها.
ما أجمل هذه الروح الطيبة ترضى بالقليل وتشكر إذا أنعم الله عليها بالكثير فرضا النفس مسألة في غاية الأهمية ولا تتوافر عند الكثير منا ولكن من يمتلك هذه الروح مثله مثل من امتلك عقد من الزمرد الأصلي يخاف أن يفقده أو أن ينفرط منه حباته وللوصول الي هذه المرحلة يتطلب من الانسان أن يأخذ بالاسباب في طلب الرزق ثم يكون واثقا من أن الله سيرسل له رزقه ومن يعوله ولن يظلمه أبدا مادام أدي ماعليه من حقوق وواجبات بالحلال تجاه نفسه و المحيطين به فاذا فعل ذلك كان انساناً ناجحا في الحياة والنجاح لا يتحقق بسهولة بل يأتي ثمرةً لبذل الجهد والعزيمة والعمل الدؤوب وللإستمرار في النجاح والحفاظ عليه يجب عليه أن يراقب نفسه أولا بأول كي يقيم نجاحه فيستمر أواخفاقه فيتوقف ويعيد ترتيب أوراقه من جديد فالعالم" توماس إديسون " فشل 100 مرة قبل اختراع المصباح الكهربائي ,وحينما سئل عن فشله قال "أنا لم أفشل بل اكتشفت 100 طريقة أخري تؤدى إلى اختراع أشياء أخري غيرالمصباح"
والنجاح درجات فهناك انسان ناجح وأخر أكثر نجاحا والفرق بينهما أن الإثنين يسيران علي الطريق الصحيح ولكن الثاني استطاع ان يستثمر وقته بكل دقة واقتدار فسبقه والآخر أهدر بعض الوقت فتأخر قليلاَ يقول أحد الحكماء الناس العاديين يفكرون دائما في كيفية قضاء وقتهم لكن العظماء يفكرون كيف يستثمرونه وقال الشاعر الأمريكي كارل ساندبيرغ "الوقت هي العملة الوحيدة التي تملكها في حياتك، وأنت وحدك تستطيع أن تحدد كيف يمكن أن يُنفَق، فاحرص على ألا تدع آخرين ينفقونه بالنيابة عنك" وأحسن الدكتور مصطفي محمود حين قال "لابد أن نعلم أن رأسمالنا هو عمرنا .. ومن قضي يوما له في غير فرض أداه أو حق أعطاه أو علم حصله فقد عق يومه وخسر نفسه"
ومن أجمل وأحلا صور الرضا عن النفس أنه يجعك صاحبه يتعامل مع الأمور بحكمة وروية فتجده فرداً إيجابياً في بناء المجتمع و علاقاته الإجتماعية قائمة على الود والإحترام المتبادل والتفاءل مع كل الناس موقنناً من أعماق قلبه بأن الله لا يضيع أجره وأخيراً اعلم عزيزي القاريء أنك لن ترضى عن نفسك، أو يرضى عنك غيرك، طالما أنّ الله غير راضٍ عنك، فاحرص علي رضاه في كل أقوالك وأعمالك "ولسوف يعطيك ربك فترضي" عقد من الزمرد الأصلي لمن رضي وشكر علي القليل والكثير يقول الشعراوي رحمه الله "إن الله إذا أخذ منك مالم تتوقع ضياعه فسوف يعطيك مالم تتوقع تملكه والعبد المؤمن لابد أن يوجه حركة حياته إلى عمل نافع يتسع له ولمن لا يقدر و إذا حققت النجاح سوف تكسب أصدقاء مزيفين وأعداء حقيقيين انجح على أية حال" وإذ لم تسطع أن ترضي فخذ بنصيحة عُمرُ بنُ الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي اللهُ عنهُما " الخيرَ كُلَهُ في الرِضا, فإن استطعتَ أن ترضى وإلا فاصبر"
عمرو صبري