الحب فى الله
· قال تعالى : " ...والذين آمنوا أشد حبا لله" ليحب الله تعالى فوائد جمة وثمرات عظيمة ولتحصيل هذا الحب مناهج وطرق واضحة بينها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على عكس ما يفهمه كثير من المسلمين الذين إذا سألتهم ما معنى حب الله أجابوك بعبارات وتهويمات غير واضحة تمس شغاف القلب ولا تصل إلى جوهر حب الله تعالى , ثم لا تلبث أن تتوه فى زحام الحياة بعد وقت طال أو قصر.
· لقد بين لنا القرآن الكريم الطريق الواضح المستقيم للفوز بحب الله فى قوله تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " فمن أراد أن يطمئن قلبه بحب الله تعالى فعليه اتباع سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وترك ما عداها من عادات وشهوات ودعاوى ظاهرها الخير وحقيقتها إتباع الشيطان .
· إن الإسلام دين راقى بسيط واضح المعالم ينسجم ويتوافق مع الفطرة البشرية السليمة فلم يتركنا الحق تعالى نتخبط فى الحياة بدون منهاج وخطوات واضحة توصلنا للفوز برضاه وحبه فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يتحرى الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه " فهنا الرسول الكريم يوجهنا للأخذ بالأسباب لتحقيق أهدافنا .
· لبيان الفوائد المرجوة من حب الله تعالى لعباده يقول صلى الله عليه وسلم : " إّذا أحب الله عبداً نادى جبريل أنى قد أحببت فلانا فأحبه فينادى جبريل فى أهل السماء ان الله يحب فلانا فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض "
· ويقول رب العزة فى الحديث القدسى : " .. ومازال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها وإن استعاننى لأعيننه وإن استعاذنى لأعيذنه .
· يقول النووى رحمه الله : محبة الله لعبده هى إرادتة الخير له وهدايته وإنعامه ورحمته بينما يتمثل بغضه له فى إرادة عقابة وشقاوته وحب جبريل والملائكة لعباد الله الصالحين يحمل وجهين , أحدهما : إستغفارهم لهم وثناؤهم عليهم ودعاؤهم لهم والثانى : محبتهم تعنى ميلهم القلبى لهم واشتياقهم إلى لقائهم بسبب كونهم مطيعون لله محبوبون له .
· من رحمته تعالى بعباده أن وضع لنا المقياس العملى الذى بع نعرف حقيقة موقفنا وحظنا من حبه فقد أرشدنا فى قرآنه العظيم إلى علامات ومواقف واضحة تبين لنا من هم المستحقون للفوز بحبه تعالى , ومنهم :
" ... وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ", " .. إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " , " .. بلى من أوفى بعهده واتقى إن الله يحب المتقين " " ... وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين " " ... فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين " "...فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين " " ... وإذا حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين " " ... فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين .. " "إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص "
· ولزيادة وضوح الرؤية أمامنا ولعدم العيش فى الأوهام بين لنا الحق تبارك وتعالى فى كتابه العزيز من هم الذين يبغضهم الله ويطردهم من رحمته ومنهم : " فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين " , " والله لا يحب الظالمين " , " إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً " , " إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما " , " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " , " ويسعون فى الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين ", " وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " , " إذا قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين " .
· من حكمته تعالى أن جعل المحبة دستوراً للمسلمين فى جميع أحوال معيشتهم فلم يقتصر الأمر على محبة الله وحده بل أمر المؤمنين بحب رسوله الكريم حيث قرن حب المؤمنين لله بحب الرسول صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى : قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى ياتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين " . وحيث قال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ".
· وجه النبى الكريم بأن تكون المحبة هى الرابط بين حكام المسلمين وبين رعاياهم فقال صلى الله عليه وسلم : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبوكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم , وشرار أئمتكم الذين تبغضوهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم فى ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عملهم ولا تنزعوا يداً من طاعة ".
· وكذلك أمر الإسلام أتباعه بإشاعة جو المحبة بين بعضهم البعض ووعد الله المتحابين من المؤمنين بالثواب العظيم حيث قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة أين المتحابين لجلالى , اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى " كما بين النبى الكريم أن حب المسلم لأخيه المسلم شرط لكمال الإيمان حيث قال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
· وكما عودنا الرسول الكريم على إرشادنا لأقصر الطرق المؤدية لنيل رضا الله تعالى والفوز بالجنة فقد دلنا على كيفية نشر المحبة بين أفراد المجتمع فقال صلى الله عليه وسلم :" إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه إياه " , وبينما كان أحد الصحابة مع رسول الله مر أمامهما رجل فقال الصحابى للرسول : " إنى لأحب هذا الله فقال الرسول : أخبرته بذلك ؟ قال لا .قال : قم فأخبره تثبت المودة بينكم , فقام إليه فأخبره , قال : إنى أحبك فى الله أو قال أحبك فى الله . فقال الرجل : أحبك الله الذى أحببتنى فيه ).
· إن الإسلام دين حياة يكفل لكل من عاش فى مجتمع إسلامى من غير المسلمين الحياة الكريمة الآمنة فى الدنيا وجعل حساب الناس على إيمانهم وأعمالهم ليوم الحساب بين يدى إله حكيم عادل فقال تعالى : "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين "
· كيف يكون حال مجتمعاتنا لو أننا طبقنا أوامر الله ورسوله التى ترشدنا إلى المنهاج القويم والطريق الواضح لنشر أجواء المحبة بين أفراد المجتمع وجماعاته بدلاً من المشاحنات والخلافات التى أدت إلى تفشى التباغض الذى ينخر فى مجتمعاتنا نخر السوس وكان من نتيجته ما نراه ونلمسه من نزع البركة من مجتمعاتنا إلا ما رحم ربى فلنتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنيل حسن ثواب الإتباع والفوز برضا الله والسعادة فى الدارين إن شاء الله تعالى .
محمد موسى