رحلة الفرعون من «ميت رهينة» إلى المتحف الكبير
على بعد 25 كيلومترًا من مدينة الجيزة تقع أطلال منف عند قرية ميت رهينة التابعة لمركز البدرشين، ومنف هي من أقدم العواصم المصرية القديمة، التي كانت تسمى (أنب حدج) ، أما «منف» أشهر الأسماء المعروفة للمنطقة فكانت اشتقاقًا من الاسم المصري القديم «من نفر» وكانت في اليونانية ممفيس . وفي هذه المنطقة، اكتشف الإيطالي جيوفاني باتيستا كافليليا عام 1820 تمثال الملك رمسيس الثاني، والمصنوع من الجرانيت الوردي، ويبلغ وزنه نحو 60 طنًا، وكان التمثال وقت الاكتشاف مقسمًا إلى 6 أجزاء، وفقد للمنطقة أعلى الرأس وأسفل التاج والقدمين وكسر في الساق اليمنى. وعلى بعد أمتار اكتشف أيضًا تمثالًا آخر لرمسيس الثاني راقدًا على ظهره، بسبب كسر قدم التمثال المصنوع من الحجر الجيري، واكتشفه كافيليا في العام نفسه، وأراد محمد علي باشا في ذلك الوقت إهداءه إلى بريطانيا، لكن المملكة البريطانية رفضت ذلك الأمر بسبب حجم وضخامة التمثال، ما يصعب شحنه، وقد تم عمل بناء حوله لحمايته وما زال التمثال يعرض في نفس المكان حتى الآن. ولم يتبق بالمنطقة سوى تمثال ضخم لرمسيس الثاني، من المرمر، على هيئة أبو الهول وسرير رخامي لتحنيط العجول المقدسة ومقصورة لسيتي الأول وكتل حجرية وأسس أعمدة، هي كل ما تبقى من معبد بتاح. وفشلت عدة محاولات لترميم وإقامة التمثال، حتى مارس 1955، عندما أمر الرئيس جمال عبد الناصر، بنقل التمثال إلى ميدان باب الحديد وتم تغيير اسم الميدان إلى ميدان رمسيس. ترجع فكرة نقل التمثال من موقعه في ميدان رمسيس إلى عام 1994 لحمايته من العوامل المحيطة به، واقترحت عدة مواقع منها مكان التمثال الأصلي في ميت رهينة، لكن كوبري ميت رهينة لن يتحمل وزن التمثال. واقترح أيضًا وضعه في ميدان الرماية في الجيزة أو عند مدخل دار الأوبرا بالقاهرة، لكن كان الخوف أن تلك الأماكن لن توفر الحماية المطلوبة من عوادم السيارات والازدحام، وقد وقع الاختيار على موقع هضبة الأهرام بجوار المتحف المصري الكبير. دراسات النقل إلى المتحف الكبير فى 2004، طرحت هيئة الآثار مناقصة مشروع عملية فك ونقل تمثال رمسيس الثاني من ميدان رمسيس إلى مقره المؤقت بجوار المتحف المصري الكبير، وفازت شركة المقاولون العرب وجاءت أسباب نقل التمثال من ميدان رمسيس إلى موقع مشروع المتحف لحمايته من التلوث والعوادم والاهتزازات . وفي 28 يوليو استخدمت نسخة طبق الأصل من التمثال، وقد سبق عملية النقل عدد من التحضيرات لتمهيد طريق التمثال الملكي لموقعه الجديد بعد الانتهاء من الدراسات الأثرية والجيولوجية والمعمارية تم اتخاذ قرار بنقل التمثال كتلة واحدة، سيتم تركيب قفص من الحديد حول التمثال وإحاطته برغوة مطاطية لحمايته، وتركيبه على جسر معلق ليكون مثل «البندول» للسماح بحرية حركة التمثال فى أثناء السير على الصعود والنزول من كوبري المنيب والطرق المنحدرة.
تمت الاستعانة بقاطرتين احتياطيتين، وأوناش خاصة للطوارئ. عملية النقل في الـ25 من أغسطس عام 2006 بدأت عملية النقل، وتحرك التمثال الملكي من موقعه بميدان رمسيس ليصل إلى موقعه الجديد بجوار موقع المتحف المصري الكبير ، قاطعًا مسافة 30 كيلومترًا عند عملية النقل بمتوسط 5 كيلومترات لكل ساعة. واستغرقت عملية النقل 11 ساعة، وذلك بسبب بعض التوقفات للراحة وتقييم عملية النقل ويستعد المتحف المصري الكبير لاستقبال تمثال الملك رمسيس الثاني ليكون في مدخل قاعة البهو، سيكون التمثال هو من يستقبل زوار المتحف، وسيتم نقله من موقعه الحالي بجوار أسوار المتحف إلى مكانه داخل المتحف حيث تقدر تلك المسافة بنحو 400 متر.
إعداد : مصطفى محمد على