فرحة مصر
بإنجاز فريدة عثمان ... ونجومية محمد صلاح... وصعودنا لكأس العالم
فرحتنا بصعود منتخب كرة القدم لكأس العالم بعد غياب 28 عاماً فى تظاهرات هزت شوارع وربوع مصر كلها ، ونقلت خلالها وكالات الأنباء العالمية سعادة جماهيرنا بالوصول وحجز مكان مع الدول المشاركة ، لتمحوا هذه الفرحة السنوات العجاف التى مرت علينا منذ بطولة كأس العالم بإيطاليا عام 1990، والتى نتذكرها كشريط سينمائى مكرر بنفس الأدوار والأبطال مع اختلاف الأسماء . البداية تكون فى إختيار اللاعبين بمنتهى الدقة وبعد الفحص والتمحيص ومدرب أجنبى مرة ووطنى مرات ... ومع دقات طبول التصفيات تتعلق آمال وأحلام الجماهير إلى أن تتضاءل رويداً رويداً و تخفت تماماً مع قرب انتهاء التصفيات ، لتتصدر الصحف بمنشتَات ملتهبة باحثة عمن يتحمل مسئولية هذا الإخفاق ، المدرب الأجنبى أم المدرب الوطنى أم العيب فى ضعف قدرات وامكانيات اللاعبين ، ولكن فوزنا خلال تلك الفترة بكأس الأمم الأفريقية لثلاث مرات متتالية فى إنجاز لم يتحقق على مستوى القارة الأفريقية كان كطاقة نور، زحفت خلالها الجماهير العاشقة المتعطشة للإنتصارات لتساند فريقها ... نعم نحن شعب وفَى ... وراء فريقنا اى ما كانت النتائج ........ ولكن ماذا تغير فينا خلال 28 عاماً ؟
نعم نحن قد تغيرنا ، وهذا التحول ليس فى الجماهير فقط بل فى الثقافة التى غيرت الكثير من افكارنا ، ففى التسعينيات من القرن الماضى كانت كرة القدم هى التى تسرق كل الأضواء وكان الإحتراف فى أوروبا لحالات فردية ، ونماذج قليلة نجحت فى الأحتراف الحقيقى واستمرت لسنوات طويلة بغض النظر عن مستوى وترتيب هذه الفرق فى بلدها ، والأغلب يٌرجع فشله لصعوبة الغربة والبعد عن الأهل والأرض والأصحاب و...... وانقلب الوضع الأن رأساً على عقب ، وأصبح حلم وهدف اللاعب مع أولى خطواته أن يلحق بالفريق الأول لناديه ، أو أن يباع لنادى كبير فى حالة لعبه بأحد أندية الأقاليم والخطوة التى تليها أن يحترف خارج مصر ، ويرجع الفضل فى ذلك إلى انتشار أخبار نجوم الرياضة فى أشهر الفرق العالمية وهى تتنقل من بلد لأخر بسعر أكبر لتزادد قيمتهم الفنية والمادية ، مما زغلل عيون لاعبينا وأعطاها حافز قوى للوصول لحلم اللعب بجوار الكبار ......
ونجمنا المبدع صاحب القدم الذهبية محمد صلاح هو النموذج الأكثر نجاحاً فى الأحتراف وانظارنا تتابع نجاحاته المتتالية في كل الأندية التى لعب لها . و رحلة صعوده هى مثال يُعطى للصغار والكبار معاً ودرساً فى كيف ان تكون سوبر فى حياتك ؟ ..........
لم يكن المال هو هدف اللاعب بل الحب والتفانى والإجتهاد والعمل المتواصل منذ طفولته إلى أن بلغ 13 عاماُ ، التحق بنادى المقاولون بطنطا عند افتتاحه ، وكان يغيب عن بيته 12 ساعة يومياً ، وانتقل بعدها لنادى المقاولون بالقاهرة وكان يأتي يومياً من بلدته بسيون بالغربية إلي القاهرة لحضور التدريبات والمباريات ، تحمل خلالها المشقة من اجل ممارسة رياضته المفضلة والارتقاء بموهبته ليحقق حلمه ، أشاد بجديته كل من رأه فى الملعب إلى أن بزغ نجمه فى سنوات قليله ليخطف عيون وقلوب الجماهير مع كل هدف يحرزه خلال رحلة الأحتراف بين أشهر الفرق فى أوروبا ........
وأصبح حالياً الشيء العادى والطبيعى أن ترى صور اللاعب خلال حياته اليومية على الأنترنت ومواقع التواصل الجتماعى التى ظهرت منذ سنوات قليلة وأتاح النت متابعة اللاعب والإلتصاق به ، وعد انفاسه كما يحدث مع نجوم الفن ، عكس فترة التسعينيات كنا نكتفى بصور اللاعب وهو بالمستطيل الأخضر فقط ، فلم تكن المعلومات والأخبار الشخصية التى تعطى هالة النجومية متاحة ، وكان ظهوراللاعب فى البرامج التليفزونية نادراً ، ولم تكن القنوات الفضائية قد ظهرت بعد .
لم تكن ممارسة الرياضة فى حسابات الأباء إلا مع الحاح الأبناء ، وطلب الإلتحاق بفرق الناشئين وغالباً لكرة القدم التى تستحوذ على أكبر اهتمام مقارنة باللعبات الأخرى برغم وجودها الفعلى . وكانت الأهالى تربط بين ممارسة أى نشاط رياضي بالفشل فى المستوى الدراسى ولذا كان الحرص الشديد بالإبتعاد عن الممارسة الحقيقية والإكتفاء باللعب فى الإجازة الصيفية فقط . ومع ظهور الفضائيات وانتشار القنوات الرياضية اصبحنا نشاهد مباريات للعبات أخري مثل كرة اليد والطائرة والسلة ... وشيئاً فشيئاً صارت لعبات شعبية لها جماهير ، يرعى كل نادى أعداد كبيرة وكثيفة من الناشئين وأعداد أكبر فى المدارس والأكاديميات فى كل لعبة وأصبحت الرياضة جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية ، فالكل يلهث وراء ابناءه ومواعيد تدريباتهم طوال العام إذ ربما يكون الأبن يمتلك الموهبة . هذا بالإضافة إلى إنتشار لصالات الجيم بجانب مراكز الشباب بالأحياء الشعبية ... فالكل هنا يبحث عن المتاح له لممارسة الرياضة بأى صورة واصبح الوعى أكثر بأهميتها ليس للصغار فقط بل للكبارأيضاً .
وتغيرت لدينا ثقافة ممارسة الرياضة و زاد من اهمية ذلك عوامل أخرى وهى أن اللاعبين أصبحوا نماذج للنجاح ونجوماً لامعة و شهرة ومال وعقود بأرقام فلكية مقارنة بدخول وظائف أخرى ، ولم تعد النجومية قاصرة على نجوم كرة القدم بل دخلت اللعبات الأخرى فى الصورة بقوة رافعين اسم مصر عالياً مثل كرم جبر فى المصارعة وهداية ملاك فى التايكوندو ... ونسعد بإنجازات السباحة العالمية فريدة عثمان والتي تم تكريمها من الدولة بإطلاق اسمها على أكبر مجمع حمامات سباحة فى مصر ، وفوزها كأفضل رياضية لعام 2017 من اتحاد اللجان الأولمبية فى التشيك كأول فتاة عربية تفوز بالميدالية البرونزية فى بطولة العالم للسباحة فى المجر 2017 ، لتحقق إنجاز لم يتحقق لمصر منذ 60 عام ، لتكون نموذج للشباب العاشق للرياضة ، والباحث عن طريق الوصول للعالمية ، والذى صار مفتوحاً على مصراعيه ... ولمن يريد أمامه التجارب والنجاحات لأبطالنا فى العديد من اللعبات المختلفة ، ليقرأ ويدرس كيف سلكوا مشوار النجاح ليس على المستوى الرياضي فقط بل علي المستوي العلمي أيضا ففريدة عثمان هى خريجة الجامعة الأمريكية .
نعم نحن أصبح لنا شآن ومكانة رفيعة رياضياً ، وسنظل ندين بالفضل لأهمية الرياضة لتصبح ثقافة عند الناس لكل النجوم بدءاً من فريق الشرقية للهوكى لعبة الفراعنة والذى تربع على عرش أفريقيا والحصول على 23 بطولة من أصل 27 إلى بطولات فرق اليد والطائرة مروراً بأبطال الأسكواش و سيطرتنا الكاملة على عرش بطولات الإسكواش في العالم رجال وسيدات بجدارة وفوز نور الشربينى ببطولة العالم 2017 لتلحق من سبقوها من أبطال اللعبة وتفوقنا فى لعبة رفع الأثقال وفوز كل من سارة سمير على الميدالية الذهبية وبطلنا محمد ايهاب بـ3 ميداليات ذهبية فى بطولة العالم 2017 وإنجاز فريدة عثمان وحصولها على الميدالية البرونزية فى بطولة العالم وفوز محمد صلاح بجائزة افضل لاعب فى افريقيا لعام 2017 وقيادته لمنتخب كرة القدم للوصول لكأس العالم .
الهام المليجى