التوقيع الالكتروني وحجيته في الإثبات
ودور المشرع المصري تجاهه
إن الإنترنت كغيره من الاختراعات ووسائل الاتصالات لم تأت إلى عالمنا مرة واحدة وإنما تطورت من الهدف العسكري إبان الحرب الباردة إلى أن وصلت إلى الاستخدام للأغراض المدنية ثم أصبحت تستخدم في التجارة وإبرام العقود الإلكترونية التي يتم ارتباط الإيجاب بالقبول بها على شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بُعد بوسيلة مسموعة مرئية بفضل التفاعل بين الموجِب والقابل .
وعن طبيعة العقود الإلكترونية هل هي عقود إذعان أم لا ؟ فلا يوجد قاعدة مادية يعتمد عليها على المستوى الدولي؛ لهذا يكفي الأخذ بمعيار إمكانية التفاوض في هذه العقود، لاعتبارها عقود إذعان أو لا، وهذا يخضع لطبيعة كل عقد على حده .
والعقود الإلكترونية تعد عقودًا دولية عابرة للحدود ولا تدخل ضمن حدود دولة معينة وتكون تجارية أو مدنية أو مختلطة وفق طبيعة كل عقد والعلاقة التي تربط أطراف العقد.
ويشترط لإنعقاد العقد الإلكتروني أن يكون الإيجاب واضحاً مبيناً فيه العناصر الأساسية كافة حتى يكون القابل على بينة من أمره ، لهذا حرص المشرع في القانون رقم 15 لسنة 2004 الخاص بالتوقيع الالكتروني على توفير القدر الكافي من حماية المعاملات الإلكترونية بسبب جهل كل طرف بمن يتعامل معه فالصورة المعروضة على شاشة الكمبيوتر يجب أن تعكس الوضع الحقيقي للبضائع دون غموض أو نقص ويجب أن يكون القبول الإلكتروني واضحاً وصريحاً ولا يعد السكوت قبولاً في التعاقد الإلكتروني .
والقانون الواجب تطبيق على العقد الإلكتروني هو قانون الإرادة أي القانون الذي اختارته الأطراف وفي حال عدم وجود اتفاق بين الأطراف حول القانون الواجب التطبيق يلجأ القاضي إلى استخلاص الإرادة الضمنية لهم عن طريق القرائن وعليه أن يستعرض القوانين المتزاحمة لحل النزاع للوصول إلى القانون الأكثر ارتباطاً بالعقد كمكان إبرامه أو الجنسية المشتركة للمتعاقدين.
وفي مسألة إثبات العقد الإلكتروني أخذ القانون المصري بالإعتداد بالعقد الالكتروني كعقداً عرفياً ولم يعتد المشرع المصري به كورقة رسمية نظراً لما تستلزمه الرسمية من شروط لا تتوافر في المسائل الالكترونية .
وبما أن الكتابة بحاجة إلى توقيع أطرافها للدلالة على موافقتهم على مضمونها، فإن التوقيع على المحررات الإلكترونية ذو أشكال عدة، ترجع إلى طبيعته، وكونه يتم عبر وسائل الكترونية، ومن هذه الأشكال التوقيع البيومتري، والرقمي، والتوقيع بالقلم الإلكتروني، وغير ذلك .
ومنح الحجية للتوقيع الإلكتروني ذو ارتباط وثيق بدرجة الأمان المتوفرة فيه بين ذوي الشأن؛ لهذا سعي كثير من التشريعات إلى فرض شروط معينة على التوقيع الإلكتروني، لمنحه الحجية في الإثبات وكان هناك تقارب بين هذه القوانين في شروطها .
وبعض الدول العربية قد أخذت بالتوقيع الإلكتروني في المعاملات الرسمية وهذا يرجع إلى حرية الأطراف في الاتفاق على إثبات تصرفاتهم بأية طريقة يرونها مناسبة .
إعداد الأستاذ/ رياض مصطفي البرلسي
المشرف على قطاع الشئون القانونية والعقارية