الطبيعة القانونية للضمان العشري
تعددت الاتجاهات في هذا الشأن ، و رجوعه الي الاختلاف حول اثر تسليم الاعمال .
وقد تعددت إتجاهات الفقه و القضاء حول تحديد طبيعة مسئولية مهندس البناء و المقاول في علاقتهما برب العمل .
ومن أبرز هذه الإتجاهات هي ما يلي :-
الإتجاه الأول :- التسليم ينهي عقد المقاولة . الطبيعة القانونية (التقصيرية) لمسئولية المهندس و المقاول، وخاصيتها الاستثنائية .
الإتجاه الثاني :- التسليم لا ينهي بذاته عقد المقاولة . الطبيعة العقدية لمسئولية المهندس و المقاول .
الإتجاه الثالث:- مسئولية المهندس و المقاول بعد تسليم البناء ، هي احد التطبيقات الخاصة للنظرية العامة للالتزام بالضمان .
الإتجاه الرابع:- المسئولية الموضوعية ومرجع هذا الإختلاف حول مسألة أوليه تتعلق بتحديد ما لتسليم الاعمال من اثر على عقد المقاولة نفسه في علاقة رب العمل بالمهندس أو المقاول .
الإتجاه الأول :-
التسليم ينهي عقد المقاولة - الطبيعة القانونية :-
• يرى الفقه التقليدي أنه بتسليم الأعمال "بافتراض انها قد نفذت على نحو سليم" ينتهي عقد المقاولة في علاقة رب العمل بالمهندس او المقاول لأن العقد في هذه اللحظة يكون قد استنفد كل آثاره .
• وتفريعا على ما تقدم فانه اذا ما بقى المهندسون او المقاولون مسئولون بعد تسليم الأعمال فذلك لا يكون الا بالإرادة العليا للمشرع و تكون عندئذ "مسئولية قانونية استثنائية تستند إلي نص غير مألوف في القواعد العامة .
• و قد أخذت محكمة النقض المصرية في أحد احكامها بالتصور الذي يرى في تسليم الأعمال منهيا لعقد المقاولة كقاعدة عامه ، حين قضت بأن " عقد استئجار الصانع لعمل معين ، يعتبر بحسب الأصل منتهيا بانقضاء الالتزامات المتولدة عنه على الصانع و رب العمل بتسلم الشيء المصنوع مقبولا و قيام رب العمل بدفع ثمنه " .
• لكنها أشارت الي خروج المشرع المصري على هذا الأصل في خصوص مقاولات البناء .
الإتجاه الثاني :-
التسليم لا ينهي بذاته عقد المقاولة :-
• بقاء المهندس و المقاول مسئولين بالضمان رغم تسليم الاعمال في ضوء تحديد محل التزام كل منهما في مواجهة رب العمل ، و بيان ذلك أن كل العقود التي يكون محل التزام المدين فيها القيام بعمل تتضمن مرحلتين :-
1) تنفيذ الاعمال
2) التحقق من فاعلية أو جودة هذا التنفيذ .
• ومدة المرحلة الثانية هي مدة الضمان التي يتحمل به المهندس و المقاول .
• وهكذا يؤكد الفقه المدني الحديث الطبيعة العقدية للضمان العشري .
• وقد قضت محكمة النقض المصرية في أحد احكامها بوجهة النظر الحديثة هذه بأن مسئولية المقاول أو المهندس عن خلل البناء بعد تسليمه إنما هي مسئولية عقدية قررها القانون لكل عقد مقاوله على البناء سواء نص عليها في العقد أم لم ينص ، كمسئولية البائع عن العيوب الخفية فإنها ثابتة بنص القانون لكل عقد بيع على أساس أنها مما يترتب على عقد البيع الصحيح .
الإتجاه الثالث :-
مسئولية المهندس و المقاول بعد تسليم البناء هي أحد التطبيقات الخاصة للنظرية العامة للالتزام بالضمان :-
• حيث يلعب الضمان دور تأمين رب العمل ضد الخطر الذي يشكله هذا الضرر ويخلص من ذلك أن مسئولية المشيدين هنا تجازي " إخلالا خاصا بالتزام خاص بضمان متانة البناء خلال مدة محددة " وهذا الالتزام الخاص ينشأ عند ابرام عقد المقاولة ، لكن لا يفاد منه إلا بعد تسليم الأعمال .
• والضمان الواجب على مؤجر العمل (المقاول أو المهندس) يختلف في نظامه عن الضمان الواجب في العقود الأخرى المشابهة .
الاتجاه الرابع :-
المسئولية الموضوعية :-
• ان الضمان العشري فى هذه الحالة شأنه شان عقد التامين ومسئوليه المتبوع عن اعمال التابع والمسئولية الموضوعية التي تقوم على الضرر دون خطأ مثل مسئوليه البرامج المعلوماتية والمسئوليات التي لا تستند الى خطأ ولكنها تستند إلى ضرر .
أ . رياض مصطفى البرلسى
رئيس قطاع الشئون القانونية والعقارية