أنتى طالق... يا أمال
أخذت أمال تجر ذيول الخيبة والندامة وهى تطرق باب أسرتها ... وما أن رأت نظرات من حولها تحملق استفساراً وحيرة وتساءل لماذا يا امال!!! هنا أنهارت ودموعها تسبق صوتها ، تحكى كيف وقع الطلاق .... كيف كشر عن أنيابه معلناً خروجها من جنته ... ونطقها إنتقاماً وإذلالأ على طريقة زكى رستم ... أنتى طالق يا آمال ... هنا شعرت بالإهانة فمصير حياتها أنتهى وأسدل عليه الستار بكلمة تحكم فيها فرد واحد قالها وبدون أن يكون لها رأيى أو مشورة ، فزواجهما لم يستمر غير أشهر قليلة ، مضت فى شجار وتدخل دائم من أسرته.
كانت آمال بتحلم بفارس الأحلام بعد تخرجها من الجامعة وعيشة سعيدة ... لكن عجلة الزمن بتدور دون توقف وعداد السنوات بيعد ... ومع نصائح الأهل والأصدقاء أن الأحلام شيىء والزواج شيىء آخر ... هنا قبلت ورضخت أمال لفكرة الزواج التقليدى ، وتقدم لها عريس عن طريق معارف وكان لهم الدور الأكبر فى إقناع الأهل بمزاياه ... ونزلت على أرض الواقع ووافقت راضية للأمر الواقع ... وكانت تعد وتشارك فى متطلبات الزواج لإقتناعها بـأن "أيد لوحدها ما تسقفش" وفى أثناء ذلك لم يظهر منه شيىء قوى يسبب رفضه وتم الزواج لتكتشف الفاجعة ... أن أسرته هى الأمر الناهى فى حياتها وأصبح الشجار بينهما لأتفه الأسباب إلى أن تمادى سوءاً فى معاملتها .... برغم محاولتها الدائمة لتجنب الفشل إلا أن الظروف كان دائماً أقوى منها .
ومرت الأيام طويلة ثقيلة على أمال تراجع شريط قصة زواجها ... تلوم أحياناً نفسها متحسرة على ما جنته فى حياتها بعد أن عادت لبيت أهلها الذين إلتزموا الصمت والهدوء لعل وعسى ترجع الحياة لمجراها الطبيعى بعد أن يراجع نفسه .... ولكن طال الإنتظار وكان عليهم التواصل بأهل الزوج لمعرفة ماذا بعد ؟!
وإذ بخبر سفر الزوج لإحدى الدول العربية ينزل كالصاعقة على أسرة أمال ... كيف يسافر؟ وأبنتنا ماذا تفعل ؟! ... كان عليه أن يطلقها رسمياً ولا يكتفى بالطلاق الشفهى وكان الرد كنوع من العند والمكايدة فى هذه الحالات: إبننا طلقها وإ نتهى الأمر خلاص .... وأصبحت قصة أمال هى قضيتها التى تبحث عن حل لها فى كل مكان فعقدت العزم أن تبدأ بمن يحمى ويبحث للمرأة عن حقوقها المسلوبة "المجلس القومى للمرأة" وما أن خطت أولى خطوتها وسط نساء لا حصر له من الباحثات عن حقوقهن أملاً فى مساعدة المجلس وإذ بها تصطدم بأن المصريات هن أكثر نساء العرب قهراً فالمصرية تصادفها عراقيل اجتماعية واقتصادية بالإضافة إلى المورثات التى لا زالت تحدد أدوار معينة للنساء فى المجتمع المصرى وحط مائة خط على هذه المورثات طبقاً لأخر بيان صادر عن الأمم المتحدة ، وعلمت من المجلس أن مصر تعد فى المراكز الأولى على مستوى العالم فى نسب الطلاق وبادر أحدهم أمال بسؤاله ولماذا يا أمال لم تتخيرى الزوج المناسب؟! ... وكان الجواب جاهز إذا كانت المرأة دقيقة فى البحث عن مواصفات الرجل المناسب فهى لن تتزوج على الأطلاق ... وتساءلت لماذا لا يتم الزواج والطلاق رسمياً عند المأذون ولا تترك النساء حائرات تبحث عن مصيرهن عند
الطلاق شفهياً ، وبادرها أحد الأعضاء بالموافقة وأن ذلك ضد العقل والمنطق والأخلاق فالطلاق الموثق عند المأذون يعطى الفرصة والوقت للزوجين للمراجعة والتروى والتفكير وتدخل أهل الخير للإصلاح وبذلك نستطيع أن نقلل من حالات الطلاق حفاظاً على أستقرار الأسرة ، وعليها أن تشكر الله على عدم وجود أطفال .... وأذا نجحنا فى تقنيين ذلك ، نقلل من الآف القضايا التى تُثقل المحاكم من قضايا لأطفال بلا مأوى نتيجة وقوع الطلاق شفهياً دون توثيق ، ونساء كثيرات تزوجن بعد طلاقهن شفهياً وتعرضوا لإنكار الطلاق من الزوج الأول ووقعن فى مشاكل قانونية كبيرة ....وانتهى الأمر إلى أننا نحتاج إلى تعاون المجتمع المدنى ونشر القضية إعلامياً ثم نبحث ... ندرس ... نطالب ... نغير قوانيين .... ...........
وشاهدت على شاشات التليفزيون وعلى صفحات الجرائد أراء المثقفين مطالبين بإلغاء الطلاق الشفهى احتراما وتقديساً للزواج ولكى لا يصبح سيفاً يلوح ويهدد به الرجل المرأة ليلاً ونهاراً أو أن تكون تحت رحمة رجل بلا ضمير يطلقها شفهياً وينكر بعد ذلك طلاقها ، وأحياناً يصل الأمر بتساهل الرجل فى استخدامه ونطقه أمام الأصدقاء فى الأمور التافه على سبيل اظهار الرجولة والقوة بقوله : "عليا الطلاق لازم تاخد كذا ..... أو تبقى طالق لو لم ترجعى البيت الساعة كذا ...." ..... وحفاظاً على كيان الأسرة يجب سن قانون ليُضم إلى قانون الأحوال الشخصية فمكانة المرأة والحفاظ على حقوقها هى مقياس لتقدم الدول والمجتمعات وتحضرها.
وأخيراً توجهت إلى دار الإفتاء لتسمع رأى الدين فى حالتها لعلها تجد الأجابة الشافية والتى تخرجها من هذه الدوامة وحكت أمال قصتها وقد تحجرت دموعها ووهن جسمها ونحل باللف والدوران بحثاً عن حل!!! وأصبحت تتمنى الحصول على لقب مطلقة رسمياً أرحم مائة مرة من لقب "معلقة" وكان رد الشيخ عليها يا أبنتى هو تلفظ بكامل وعيه وإداركه كلمة أنتى طالق ردت : لا ... قال بكامل وعيه وإدراكه إنتى طالق يا أمال ... فرد الشيخ إذن الطلاق هنا مكتمل الأركان فأنتى أصبحتى طالق من هذا الرجل !!!!!
وقالت: طيب معنى ذلك أننى أستطيع أن أتزوج ؟ فرد الشيخ لا تستطيعى الزواج لأننا فى دولة يحكمها قوانيين وضعها البشر وبالتالى يستلزم حصولك على وثيقة طلاق لكى لا تقعى فى المحظور ولكننى أعيد عليكى القول أنك طالق فى نظر الدين !!!!
ولجأت أمال لمحامى لتبحث عن خلاصها ورفع قضية لأثبات الطلاق وبعد الأتفاق على أتعاب لا تدرى كيف ستدبرها ... قال: "أن المحاكم حبالها طويلة فى هذه القضايا وأن أهل الزوج لو تفضلوا وتكرموا وتعطفوا وتعاونوا معنا يكون حظك من السماء ... ولكن أنتى فى نظر القضاء وفى الأوراق الرسمية زوجة لم تحصلى على لقب مطلقة بعد ... ... وعلينا أن نطرق جميع الأبواب من الإتصال بأسرته وحثهم على أن يشهدوا امام المحكمة شهادة حق وهذا يساعد المحكمة فى التصديق وتوثيق الطلاق وإذا رفضوا علينا باللجوء إلى أقارب الزوج لمعرفة الدولة المقيم بها الزوج لنراسل سفارتنا هناك بالبحث عن عنوانه لإعلامه بالقضية المرفوعة ضده و..... و..... و.... ومرت أيام ... وأشهر ... وسنوات ... ولا زالت القضية تنظر فى المحاكم لعدم توفر شهود ودليل قاطع جازم على وقوع الطلاق.
تحطمت وتاهت أمال ولم يبقى منها إلا بقايا إنسان ونَفس داخل ونَفس خارج ..... ماذا تفعل وسنوات العمر تسربت وضاعت ...... فى حين تزوج طليقها ... وواصل حياته كما ينبغى غير مبال بشىء أخر .... يأتى إلى مصر فى زيارات خاطفة لا تدرى عنها شيئاً تاركاً أمال ما بين المحاكم والمحامى والمجلس القومى للمرأة ودار الإفتاء ونظرة المجتمع ... وحيدة لم تمد لها يد المساعدة لحل مشكلتها .... هى واحدة من ملايين القضايا تئن بها المحاكم وتتشرد الأطفال وتضييع حقوق وسط صرخات مدوية هل من مجيب !!!!!!!!!!!!
الهام المليجى