مفهوم النظام العام من الناحية القانونية
كثيراً ما تثار فكرة النظام العام سواء لدى الفقه أو القضاء أثناء نظر وتداول الدعاوى القضائية , إلا أنه نظراً لمرونة مفهوم ومدلول النظام العام يقف الكثير منا أمام بعض القواعد والإجراءات بحسبان ما إذا كانت تعد متعلقة بالنظام العام من عدمه .
ورغم كثرة تداول فكرة النظام العام إلا أن الفقه والقضاء لم يتفقا على تعريف حاسم لهذه الفكرة وان كان القضاء قد عرفه بشكل مرن دون حسم لهذا التعريف وهو الأمر الذى من خلاله نحاول التقريب الى هذا التعريف من خلال جمع آراء الفقهاء وقضاء المحاكم وعلى رأسها قضاء محكمة النقض .
تعريف النظام العام :
هو مجموعة القواعد التى يقوم عليها كيان وأساس المجتمع والتى يترتب على تخلفها إنهيار المجتمع ، وان أمثلة تلك القواعد هى المتعلقة بحقوق وحريات الأفراد في المجتمع وكذا القواعد المتعلقة بالكيان السياسى للدولة كنظام الحكم في الدولة وشكله (( جمهورياً – ملكياً – فيدرالياً .... )) ، والمتعلقة أيضا بتكوين السلطات في الدولة وتحديد الإختصاص لكل سلطة كالسلطات الثلاث (( التنفيذية والتشريعية والقضائية )) ، كما يعد أيضا من النظام العام النظام الإقتصادى للدولة والأسس الإجتماعية فيها (( كنظام الأسرة ونظام العمل )) .
نسبية النظام العام :
تختلف فكرة النظام العام بإختلاف المكان والزمان فمفهومه يختلف في الدول الإسلامية عن الدول العربية ، كذلك في المجتمع الواحد يختلف مفهومه في زمن معين عنه في زمن آخر كما هو الحال بشأن تغيير النظام الاقتصادى للدولة من رأسمالى إلى اشتراكى ،،،
النظام العام والقاعدة القانونية :
إن ارتباط فكرة النظام العام بالقواعد القانونية يرجع الى تقسيم القاعدة القانونية الى قاعدة آمرة وأخرى مكملة :
فالقاعدة الآمرة : هى القاعدة التى تنعدم معها سلطان إرادة الأفراد بشأنها بمعنى أنه لا يجوز للأفراد الإتفاق على ما يخالفها .
والقاعدة المكملة : هى القاعدة التى يجوز للأفراد الإتفاق على ما يخالفها .
أهمية النظام العام والآثار المترتبة عليه :
ربط المشرع المصرى بين فكرة النظام العام والقاعدة القانونية الأمر الذى تولد عنه تقسيم القاعدة العامة الى قواعد آمرة وأخرى مكملة .
وقد رتب آثار وأحكام على جعل القاعدة القانونية مرتبطة بالنظام العام فقرر المشرع حماية خاصة للقواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام نظراً لأهميته ودوره الكبير في قيام كيان المجتمع .
· حيث قرر المشرع البطلان على كل اتفاق أو اجراء يخالف النظام العام وجعل لكل ذى مصلحة حق التمسك به ,كما يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ويجوز الدفع ببطلان الاجراء من خلال محامى صاحب الحق لمخالفته النظام العام في أى مرحلة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض شريطة أن تكون عناصره الواقعية كانت مطروحة في مراحل النزاع من قبل .
(( وهذا ما قررته محكمة النقض في حكمها الصادر في الطعن رقم 327 لسنة 52 ق جلسة 22/11/1987 ))
متى يكون الاجراء الباطل متعلق بالنظام العام :
1- اذا نص المشرع صراحة على ذلك
من أمثلة ذلك :
نصت المادة 25 من قانون المرافعات : يجب أن يحضر مع القاضى في الجلسات وفى جميع اجراءات الاثبات كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع القاضى والا كان العمل باطلا .
2- اذا أوجب على القاضى الحكم من تلقاء نفسه
من أمثلة ذلك :
ما نصت عليه المادة 3 من قانون المرافعات : انه لا تقبل أى دعوى كما لا يقبل أى طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أى قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة ... هنا تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بعدم القبول .
وكذا اذا لم تراعى مواعيد الطعن في الاحكام ... تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بسقوط الدعوى .
3- اذا كان الاجراء معدوما ً
من أمثلة ذلك :
- لو صدر الحكم من هيئة قضائية أحد أعضائها انتفت عنه صفة العضوية القضائية .
- لو استمر قاضى في عمله رغم صدور قرار بقبول استقالته أو نقله لأعمال ادارية .
- لو أصدر الحكم شخص آخر غير القاضى .
- لو كان مستندا الى أوراق مزورة أو الاستناد الى نصوص قانون ملغاه .
4- اذا كان الاجراء يتصل بالمصالح العامة
من أمثلة ذلك :
كل اجراء يخالف المصالح العامة للدولة يترتب عليه البطلان ويتولى مفهوم المصالح العامة للدولة القضاء والفقه .
حيث أن القواعد القانونية التى تعتبر من النظام العام هى قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد ويجب على جميع الافراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها .
والذى له الحق في التمسك بالبطلان للإجراء المتعلق بالنظام العام :
1- الخصوم والنيابة العامة
2- كل ذى مصلحة
3- تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها
أ. رياض مصطفى البرلسى
رئيس قطاع الشئون القانونية والعقارية
مدير الإدارة القانونية