فيض من أنوار أسماء الله الحسنى
السلام – المؤمن – المهيمن
السلام :
- سلم : برأ من الآفات ونحوها .
- السلم : الصلح , وقد يراد به الإسلام .
- السلام : اسم من أسماء الله الحسنى , ويمثل صفة من صفاته – سبحانه وتعالى – تحل بها السكينة على جميع مخلوقاته , فالسلام كامن فى كل بقعة من بقاع الكون , والكون يسير وفقاً لنظام ثابت محكم لا يعتريه خلل , وإنما تأتى الكوارث بين الحين والحين لحكمة مقصودة لتذكرنا بنعمة السلام الدائم الذى نعيش فيه ولكى نلجأ إلى حماه ليكفنا شرها وقد تكون غضبا منه تعالى على من حلت بهم لتجعلهم عبرة للمؤمنين .
- السلام : هو الذى سلمت ذاته عن العيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن الشر المطلق فإن لقينا فى أفعاله ما نظن أنه شراً فإن هذا الشر سيحصل فى ضمنه خير أعظم منه وليس فى الوجود شر بهذه الصفة ( النعمة فى جوف النقمة ) إلا للحق – سبحانه وتعالى - .
- قال صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسى بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولن تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم :أفشوا السلام بينكم " . وفى هذا الحديث الشريف يرشدنا الرسول الكريم إلى التخلف بخلق من صفات الله عز وجل وهو " السلام " والسلام هنا لا يقتصر على تحية السلام والرد بأحسن منها بل السلام المقصود هنا هو نشر السلام الإجتماعى فى مجتمعنا وبين مختلف المجتمعات الإنسانية حتى يعم " السلام " الكون بأكمله .
- الإسلام : إسلام الوجه لله تعالى والخضوع له وطاعته , لما فيه من نشر السلام السلام بين الناس وفى الكون حولنا , شاءت حكمته تعالى ألا تكون الدنيا دار سلام دائم لأنه لم يرد للدنيا أن تكون دار قرار بل تكون الجنة دار السلام الدائم للمؤمنين المطيعين .
المؤمن :
- آمن بالله : اعتقده حقيقة فآمن بوجوده وصفاته التى وصف بها نفسه فى كتبه وعلى لسان أنبيائه عليهم أفضل الصلاة والسلام .
- معنى " المؤمن " كصفة من صفات الله – عز وجل - :
1- أنه – سبحانه وتعالى – مؤمن بكل ما دعانا للإيمان به , فهو مؤمن بأنه واحد أحد وأن لا إله سواه حيث قال : " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط " .
2- أنه تعالى يؤمن عباده من كل خوف فى الدنيا والآخرة حيث يقول : " لإيلاف قريش . إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . فليعبدوا رب هذا البيت . الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " .
- " المؤمن " المطلق هو الذى لا يكون أمن ولا أمان إلا من جهته وهو الحق – عز وجل – فالعبد ضعيف وعرضة للمخاوف والأمراض والآفات ولن يؤمنه منها إلا الذى أعد له أسباب النجاة وخوفه من عذاب الآخرة وأرشده إلى كلمة التوحيد التى تحصنه من الهلاك حيث يقول – سبحانه وتعالى – فى الحديث القدسى : " لا إله الا الله حصنى , فمن دخل حصنى أمن عذابى " .
- ما يناله العبد من اسم " المؤمن " أن يأمن الخلق جانبه أو يرجو الخائف الإستقواء به أمام ما يهدده أو يؤدى إلى هلاكه .
- سؤال : الخوف حقيقة من الله فهو الذى يخوف عباده وهو عز وجل الذى خلق أساب الخوف , فكيف ينسب إليه الأمن ؟
الجواب : الأمن والخوف منه تعالى فهو خالق أسباب الأمن وأسباب الخوف فكونه " مذلاً " لا يمنع كونه " معزاً " فهو المعز المذل الخافض الرافع والحقيقة أن تخويفه للعباد وتحذيرهم من عاقبة الوقوع فى المعاصى رحمة منه تعالى وأمان لهم من العذاب والهلاك فى الآخرة .
المهيمن :
- هيمن على الشئ : أى سيطر عليه وهذا من مقتضيات الهيمنة الإلهية .
- الهيمنة الإلهية لها صور وآثار لا تحصى :
1- كل شئ يوجد فى الكون إنما يحدث بأمره الخلق كان بأمره وبعد الخلق كل شئ يحدث فى الكون إنما يحدث بأمره ومشيئته – سبحانه وتعالى .
2- أمر الله لا يقف دونه حائل وهذا من مقتضيات الهيمنة الإلهية حيث يقول – عز وجل : " والله غالب على أمره " .
3- من هيمنته تعالى أنه يتولى الكون بالرعاية والحفظ حتى يظل الكون على ما هو عليه من ثبات ومن نظام محكم ودقيق ولو كان – عز وجل – ممن تأخذه سنة أو نوم لاختل النظام الكونى وانتهى إلى الفناء والعدم .
4- إنه – سبحانه وتعالى –هو القائم المشرف على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم وإنما يكون قيامه عليهم بإطلاعه وسيطرته وحفظه ويرجع ذلك إلى علمه وإلى كمال قدرته وإلى أنه عز وجل فعال لما يريد فالجامع بين هذه المعانى فهو " المهيمن " ولن يجتمع كل ذلك على الإطلاق والكمال إلا لله تعالى .
- كل عبد راقب قلبه حتى أشرف على أغواره وأسراره وقدر على تقويم أحواله وقام بحفظها على الدوام فهو " مهيمن " على قلبه .
- إذا أيقن المؤمن أنه فى حفظ الله " المهيمن " فأنه فى أمان من تقلب الزمان والأحوال ومن غدر الغادرين وجور الظالمين .
فائدة :
- يقول – سبحانه وتعالى – " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " , وقال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم : " إن لله تسعة وتسعين اسماً , مائة إلا واحداً , من أحصاها دخل الجنة " .
- معنى إحصاء أسماء الله الحسنى : حفظها مع فهم معناها والتخلق بها وبآدابها , فيجب على المسلم ألا يترك صفة من صفات الحق تعالى – وبما يتلاءم مع طبيعته البشرية – إلا سعى فى إكتساب الممكن منها والتخلق بها والتحلى بمحاسنها ( مثل : الكريم – الصبور – العدل ) وبذلك يكون يصير العبد ربانياً رفيقاً للملأ الأعلى , فعليه الأخذ بها فى أعماله ومعاملاته قدر استطاعته .
- من عدله ورحمته – سبحانه وتعالى – أن أمرنا بما نستطيع فإن كنا لا نراه جهرة فإنه كشف لنا عن صفاته من خلال اسمائه الحسنى حتى تكون العبادة بحب وشعور بفضله – جل جلاله - .
- فى قوله تعالى – سبحانه وتعالى : " فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " نجد أن الحق تعالى اختار من بين صور العبادة ذكر اسمه تعالى رغم أن صور عبادة الله متنوعة وفى ذلك لفت للإنتباه إلى أهمية وقيمة ذكره بأسمائه الحسنى فهو – عز وجل – لم يحدد فى الآية أى اسم منها فكلمة : اسم : وردت عامة فتشمل جميع الأسماء الحسنى .
- الدعاء بأسماء الله الحسنى يعنى أن تدعوا الله باسمه الذى يوافق طلبك كأن تقول : يا حكيم هب لى حكمة , ويا عليم هب لى علماً ويا رزاق وسع لى رزقى ويا رحيم ارحمنى فى الدنيا والآخرة .
- قامت المجتمعات والحضارات الإنسانية على أخلاق الفضيلة والخير وبلغت أقصى درجات الرقى والتطور عندما نهجت مساراً يتوافق مع المضامين التى تدل عليها الأسماء الحسنى حتى وإن لم تنخرط هذه المجتمعات فى عبادة الله تعالى وإنهارت تلك المجتمعات عندما اختارت ترك الفضائل والعمل بالرذائل , فما أحوجنا إلى فهم معانى الأسماء الحسنى والتخلق بها والعمل بمقتضاها .
- مهندس : محمد موسي