إحذر..البخل داء فتاك
البخل داء فتاك كم فرق بين أحباب، وأغلق بيوتاً وزرع الحقد والغل في الصدور، ويجعل صاحبه يسيء الظن بخالقه، ويحسب أن ربه لن يرزقه، وأن أمواله لو تصدق منها صار فقيراً معوزاً كالمتصدق عليهم، وما أيقن هؤلاء الظانين بالله ظن السوء أن المال لا تنقصه الصدقة بل تنميه وتبارك فيه.,وما يفعل العبد بالمال إن لم يكتسب به الحسنات ورفعة الدرجات، أو الذكر الحسن في الدنيا، والسعادة فيها مع السعادة الخالدة في الآخرة قال الله تعالى محكم تنزيله ذاماً البخلاء: (وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى) [الليل: 7-10]، وهذا ذم ووعيد من الله للبخلاء بأن يجعل عاقبة أمرهم عسراً فلا يعرف اليسر والسهل إليهم سبيلاً وهذا حظ البخلاء يشقي أحدهم في جمع المال ويتعب ثم لا يجد من ذلك المال راحة لكونه لا يمتع به نفسه ولا ينعم به في حياته ولا يصرفه في وجوه الخير ولا يعرف لله فيه حقاً فيكون العسر الأكبر يوم القيامة فيحاسب على كل درهم ودينار فما أبأس البخلاء يعيشون عيش الفقراء ويحاسبون حساب الأغنياء وقد نهى الله تعالى نبيه الكريم عن البخل فقال: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) [الإسراء: 29]، فلم يكن البخل يعرف طريقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أندى الناس كفاً ما يقع شيء في كفه إلا أنفقه ووصف الله تعالى عباده المؤمنين الذين أضافهم إلى نفسه فسماهم عباد الرحمن فنفى عنهم البخل فقال: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوماً)[الفرقان:67]، وحذر الله تعالى البخلاء الذين يزين لهم الشيطان البخل والإمساك مبيناً أن البخل شر عظيم وداء عضال مهلك قال الله تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير)(آل عمران: 180 )وبين الحق جل وعلا أن البخل لا يعود ضرره إلاّ على أهله فقال عز من قائل: (هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)[محمد: 38].
وما ذكر عن الشح والبخل في الحياة الزوجية في العهد النبوي, عن عائشة رضي الله عنها قالت: أَنَّ هِنْدَ أُمَّ مُعَاوِيَةَ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).
إعداد : غانم محمود