أنوار من الحكمة (2)
· "الحكمة ضالة المؤمن"، أي هى الشىء الذي يبحث عنه المؤمن كي يهديه إلى الطريق المستقيم، ويجنبه الزلل والخطأ الجسيم، فالرؤية المستنيرة والرأي الرشيد والخبرة الحياتية كنوز يجدها الإنسان في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والمأثور من أقوال الحكماء على مدى الدهر، بدءاً من أقوال وأفعال الأنبياء والمرسلين وخاتمهم سيد الأولين والآخرين الرسول المصطفى صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، ومروراً بالصحابة والتابعين والسلف الصالح ووصولاً إلى أهل الحكمة والخبرة في كل زمان ومكان إلى يوم الدين.
· والمأثورات المنقولة من هذه المصادر تعلمنا حسن التدبر وتقويم الأمور وترشيد السلوك بما يورث تهدئة النفوس وطمأنة القلوب، فلا يكون هناك مجال للاكتئاب أو الحزن أو الندم أو الإحساس بالظلم أو الاضطهاد، أو تجاوز الحدود في التعامل مع الغير، وخير ما يحقق هذه الفضائل هو كلام الله تعالى في العديد من آيات القرآن الكريم، التي منها ما يوضح أن وراء كل ابتلاء حكمة لا يعلمها إلا الله فلا مجال إلا للرضا بقضاء الله وحكمه فهو الخير والعدل ولو بدا غير ذلك.
فمن آيات القرآن الكريم
· (ونَبْلُوكُم بِالشَّرِّ والْخَيْرِ فِتْنَةً) (أي امتحان لصبركم) [الأنبياء 35]
· أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت2]
· (وعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ وأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة 216).
· (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ ولا فِي أَنفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ واللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد 22-23]
· (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) [التغابن11]
· (ومَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ويَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى30]
· (ومَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً ولا هَضْماً)
[طه 112]
ومن الأحاديث النبوية الشريفة
· اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك:، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.
· لو أن أحدكم فَرَّ من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت.
· ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة.
· إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، ومن يرد الله به خيراً يصب منه.
· الكيس من دان نفسه (أي حاسبها) وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله.
· إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب.
· الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
· لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء.
· إزهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس.
· إذا رأيت الله يعطي العبد على (رغم) معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج.
· أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.
· أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلىّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً.
ومن الأقوال الحكيمة للسلف الصالح
§ قيل للحسن البصري إن فلاناً يغتابك، فقال مرحباً بحسنة لم أعملها .
§ وقال: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن الرجل منهم يشفع في قريبه وصديقه.
§ وقال في فوائد صحبة الصالحين والأخيار: إنهم في الله أحبوك، وإذا غبت عنهم تفقدوك (أي بحثوا عنك) وإذا غفلت ينهوك، وإذا دعوا لأنفسهم أشركوك، هم كالنجوم إذا ضلت سفينتك في ظلمات بحر الحياة هدوك، وغدا تحت عرش الرحمن ينتظروك.
§ وقال ابن الجوزي رضي الله عنه : لا تنتظر السعادة حتى تبتسم، ولكن ابتسم حتى تكون سعيداً، ولماذا تدمن التفكير والله ولي التدبير، ولماذا القلق من المجهول وكل شىء عند الله معلوم، اطمئن فأنت في عين الله الحفيظ، وقل بقلبك قبل لسانك إنما أفوض أمري إلى الله.
§ وقال إذا أتعبتك آلام الدنيا فلا تحزن، فربما اشتاق الله لسماع صوتك وأنت تدعوه، ومن أحب الله اتسع قلبه لحب الناس، ومن أحبه الله أحبه الناس، وأعطاه الله ما تمنى، وأجابه لما دعا، ورزقه بما رجا.
§ وقال ابن القيم: ذنوب الخلوات أهم أسباب الانتكاسات، وعبادة الخلوات أهم أسباب التحصينات، فعليك بعبادة السر ففيها الإخلاص والبر.
§ وقال: الرياح لاتهز الجبال ولكن تهز الصخور الصغيرة، فإذا أردت الصعود إلى الجبل فانظر إلى القمة ولا تنظر للصخور المتناثرة حولك، اصعد بخطوات واثقة، ولا تقفز فتزل قدمك.
§ وقال : الدنيا كماء البحر، من ازداد شرباً منه ازداد عطشاً.
§ وقال علم بلا عمل شجر بلا ثمر، حمل بلا جمال يحمل الحمل إلى السوق ويحمل الشهد ولا يذوق.
§ وقال من هانت عليه نفسه هان على غيره.
§ وقال إمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أحياناً يمنع الله عنك ماتريد ليمنحك ما تحتاج، فإذا كانت الأمور تجري وفقا لرغبتك فأنت محظوظ، وإن لم تكن فأنت أكثر حظاً لأنها تجري وفقا لرغبة الله تعالى، فاللهم إني أحمدك على كل قضائك وجميع قدرك.
§ سئل الإمام الشافعي رضي الله عنه عن ثمانية أشياء: عن عجيب وأعجب، وعن صعب وأصعب، وعن واجب وأوجب، وعن قريب وأقرب، فقال:
- الزمن في تقلبه عجيب، وغفلة الناس عنه أعجب،
- والصبر على المصيبة صعب، وفوات الثواب أصعب،
- وواجب على الناس أن يتوبوا، وترك الذنوب أوجب،
- وكل ماهو آت قريب، والموت من دون ذلك أقرب.
- وقال يحيي بن معاذ على قدر خوفك من الله يهابك الخلق، وعلى قدر حبك لله يحبك الخلق، وعلى قدر شغلك بالله يشتغل بأمرك الخلق.
ومن مأثورات فضيلة الشيخ الشعراوي
· من ابتغى صديقاً بلا عيب عاش وحيداً، ومن ابتغى زوجة بلا نقص عاش عازباً، ومن ابتغى حبيباً بلا مشاكل عاش باحثاً، ومن ابتغى قريباً كاملاً عاش قاطعاً لرحمه.
· إذا لم تجد لك حاقدا فاعلم أنك إنسان فاشل.
· لاتقلق من تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون فعله هو تنفيذ إرادة الله,
· المال جزء من الرزق، فالتقوى رزق، والصحة رزق، والزوجة الصالحة رزق، والولد رزق، والعلم رزق، والصديق المخلص رزق، وغيرها فالله يرزق من يشاء بغير حساب.
· إذا لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل،
· الثقافة أن تعرف بعض الشىء عن كل شىء، والتخصص أن تعرف كل شىء عن بعض الشىء.
ومن مأثورات الحكماء
خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق الحيوانات شهوة بلا عقول، وخلق الإنسان وجعل فيه العقل والشهوة، فمن غلبت عليه شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالحيوانات.
- إن مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها، وإن لذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها.
- حبك للدنيا يكون لثلاث: "أمر بالمعروف ولو كان سراً، ونهي عن المنكر ولو كان جهراً، وقول الحق ولو كان مرَا.
- وسط الضجيج لابد أن تجيد فن الصمت.
- وسط الفوضى قد تظهر الحقيقة، وفي ذروة الخلاف ربما تصل إلى اتفاق، والإصرار على النجاح قد يصنع المستحيل.
- ستجد دائماً سبباً للرضا، فقط تأمل حياتك، أنت أفضل حالاً من كثيرين، الإحباط قد يأتي نتيجة توقعات مبالغ فيها أو غير مدروسة، وليس من الضروري أن تأخذ كل شىء كما تريد، ومالا يدرك كله لا يترك كله، وقل الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على كل حال.
- إذا أخذ الله منك مالم تتوقع ضياعه، فسوف يعطيك مالم تتوقع امتلاكه.
- اعلم أن المال عبد مخلص ولكنه سيد ردىء، هو عبدك حين تنفقه في الخير وفق الفطرة السليمة، ولكن حين تتكالب للحصول عليه ثم تخزنه وتبخل في إنفاقه فهو يشقيك ويمرضك لأنك أصبحت له خادماً.
- يتكلم الناس عنك في ثلاث حالات: عندما لا يملكون ماتملك، عندما يعجزون أن يكونوا مثلك ، عندما لا يستطيعون الوصول إليك.
وبالله التوفيق
م. رزق الشناوي