الصدقة برهان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .. للصدقة شأن عظيم في الإسلام، فهي من أوضح الدلالات، وأصدق العلامات على صدق إيمان المتصدق وذلك لما حرصت عليه النفوس من حب المال والسعي إلى كنزه، فمن أنفق ماله فى سبيل الله ، كان ذلك برهان إيمانه وصحة يقينه، وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والصدقة برهان) أي: برهان على صحة إيمان العبد، ولم يقصد بها رياء ولا سمعة لأن معظم الناس عندما يتصدقون بالمال ينفقون القليل منه وربما بضع جنيهات
ومنهم من ينفق ليقال عنه أنه شخص كريم لأن المعروف عن الإنسان أنه يبحث دائماً عن شهواته ويسعى للوصول إليها فالمال بالنسبة إليه شئ أساسى لا يمكنه الإستغناء عنه , فكيف يتصدق بالكثير منه وهو يحبه ؟ كان الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه يتصدق بالسكر بالرغم من حبه الشديد له لكى ينال البر عملاً بقوله تعالى: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ " (الآيه 92 سورة آل عمران ) إستوقفتنى هذه الآيه كثيراً فالمولى عز وجل يحثنا على الإنفاق مما نحب حتى ننال البر والرحمه والمغفرة ,
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه , وأن المنفق تدعو له الملائكة كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً " ( فى الصحيحين ) و أن في الصدقة دواء للأمراض البدنية قال صلى الله عليه وسلم : " داوو مرضاكم بالصدقة " , والصدقة فيها انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته و أنها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله صلى الله عليه وسلم " إن الصدقة تطفئ غضب الرب " و أنها تمحو الخطيئة وتذهب نارها قال صلى الله عليه وسلم : " الصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار" , فمن نعمة الله عز وجل على العبد أن يكون ذا مال ، ومن تمام نعمته عليه فيه أن يكون عوناً له على طاعة الله " فنعم المال الصالح للمرء الصالح " (صحيح البخاري
(كما أنها وقاية من عذاب الله ، قال صلى الله عليه وسلم: " إتقوا النار ولو بشق تمره " ( رواه البخارى ) فالصدقة دليل على صدق الإيمان، وقوة اليقين، وحسن الظن برب العالمين، إلى غير ذلك من الفضائل الكثيرة، التي تجعل المؤمن يتطلع إلى الأجر والثواب من الله، ويستعلي على نزع الشيطان الذي يخوفه الفقر، ويزين له الشح والبخل، وصدق الله إذ يقول: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم} (البقرة:268)، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المنفقين في سبيله وألا يجعلنا من الأشحاء والبخلاء في طاعته، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير .
مصطفى محمد على