الطاقة النووية واستخداماتها السلمية
تفتح لأول مرة آفاق عمل جديدة بالشرق لشركات المقاولات للتنافس فى إنشاء محطات إنتاج الكهرباء وتحلية المياه
مع إزدياد حاجة العالم إلى المياه العذبة تشهد صناعة تحلية المياه التى ظهرت قبل عقود محدودة نمواً متعاظماً وتطوراً مستمراً على صعيد تحسين الأداء والإنتاج وأصبحت المياه تمثل التحدى الأساسى للشعوب والحكومات حول العالم فى القرن الـ 21 فهذه المادة الحيوية التى صارت تسمى إصطلاحياً الذهب الأزرق تنذر بأن تكون سبب لصراع شرس بين الدول لكونها آخذة فى التراجع مع إزدياد الطلب عليها وتؤكد التقارير المعنية فى الأمم المتحدة أن حصة الفرد من المياه تراجعت بنسبة 50% فى العقود السبعة الأخيرة .
وهل تعلم عزيزى القارئ أن التكلفة التقديرية لإنشاء محطة إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه باستخدام المفاعلات النووية تصل إلى حوالى سبعة مليار دولار وأن فترة الإنشاء تصل إلى خمسة عشر عام تدخل فى هذه الفترة:
اختبار المواقع: من ( عمل الدراسات للتأكد من صلاحية الموقع من حيث : ثبات المنطقة من الزلازل ، الإحصائيات الجوية الجيدة ، مناسيب دخول وخروج المياه ، إمكانية الربط مع شبكة الكهرباء وقلة عدد السكان ) .
تجهيز العطاءات : استشارى لتصميم الأعمال ، تجهيز كراسات الشروط والمواصفات .
أعمال التأهيل وتحديد الشركات المنفذة : فترة التنفيذ .
وعلى الرغم من هذه التكلفة العالية فإن محطات التوليد المستخدمة للطاقة النووية تنخفض فيها تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية والمياه المحلية بنسبة تصل إلى 60% بالمقارنة بالمحطات التقليدية والعمر الإفتراضى لمحطة الطاقة النووية حوالى ستون عاماً .
لهذا تعتمد بعض البلدان الأوروبية على الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية فعلى سبيل المثال فرنسا تنتج 75% من الطاقة الكهربائية بإستخدام المفاعلات الذرية .
مميزات الطاقة النووية:
- إن كمية الوقود النووية المطلوبة لتوليد كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية هى أقل بكثير من كمية الفحم والبترول اللازمة لتوليد نفس الكمية فعلى سبيل المثال طن واحد من اليورانيوم يقوم بتوليد طاقة كهربائية أكبر من تلك التى تولدها ملايين من براميل البترول أو ملايين الأطنان من الفحم كما أنه لو تم الإعتماد على الطاقة الشمسية لتوليد معظم حاجة العالم من الطاقة لكانت كلفتها أكبر بكثير من كلفة الطاقة النووية .
- تنتج محطات الطاقة النووية جيدة التشغيل أقل كمية من النفايات بالمقارنة مع أى طريقة أخرى لتوليد الطاقة فهى لا تطلق غازات ضارة فى الهواء مثل غاز ثانى أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين أو ثانى أكسيد الكبريت التى تسبب الإحترار العالمى والمطر الحمضى والضباب الدخانى .
- إن مصدر الوقود اليورانيوم متوفرة بكثرة وكثافة عالية وهو سهل الإستخراج والنقل فى حين أن مصادر الفحم والبترول محدودة ومن الممكن أن تستمر المحطات النووية لإنتاج الطاقة فى تزويدنا بالطاقة لفترة طويلة بعد قصور مصادر الفحم والبترول عن تلبية احتياجاتنا .
- تشغل المحطات النووية لتوليد الطاقة مساحات صغيرة نسبياً من الأرض بالمقارنة مع محطات التوليد التى تعتمد على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح ، فقد أكدت اللجنة التنظيمية للمفاعلات النووية على أننا بحاجة إلى حقل شمسى بمساحة تزيد عن خمسة وثلاثون ألف فدان لإنشاء محطاة تدار بالطاقة الشمسية لتوليد طاقة تعادل ما تولده المحطة النووية بمقدار 1000ميجاوات كما أن المساحة اللازمة لتوليد الطاقة باستخدام قوة الرياح لإنتاج نفس الكمية حوالى مائة وخمسون ألف فدان أو أكثر فى حين أن محطات التوليد النووية "ميلستون3.2" المقامة فى ولاية كونيتيكت والتى تتمتع باستطاعة أكبر من 1900ميجاوات تشغل مساحة خمسمائة فدان ومصممة لتستوعب ثلاثة محطات توليد .
استخدام المفاعلات النووية فى تحلية مياه البحر
إن الماء العذب مطلب رئيسى لحياة الإنسان فهو ضرورى لضمان مستوى لائق من الحياه وعلى درجة كافية من الجودة ، كما أنها لازمة للزراعة والصناعة والنشاطات التجارية الأخرى وأن ما يقارب من ثلاث أرباع الكرة الأرضية مغطى بالمياه وتقدر الكمية الكلية للمياه بحوالى 1.3×10مليار متر مكعب إلا أن الكمية الصالحة للإستهلاك البشرى لا تتعدى نسبتها 0.5% من المتاح والباقى مياه عالية الملوحة وجليد .
إن مصادر المياه المتاحة تتجاوز بكثير عن التى يتم استخدامها ، كما أنها ليست موزعة بالتساوى بين الدول وتشير التقارير بأن 25% من سكان العالم فقط يتمتعون بقدر كافى من المياه العذبه 15% تتوفر لديهم إمدادات مائية ملائمة صحياً أما باقى سكان العالم فيعانون نقصاً فى المياه الكافية لحياتهم اليومية ويتعرضون للأمراض الناتجة عن ذلك ، والطلب على المياه يزداد بشكل سريع نتيجة للنمو السكانى والصناعى والتطور الحضارى وإن الحاجة إلى المياه الكافية لإستهلاك الفرد على المستوى اليومى ستشمل أيضاً الدول التى تتمتع حالياً بوجود قدر كافى من المياه لديها بالإضافة إلى تلك التى تعانى من عجز مائى حاد وبالتالى فإن عملية ضمان توفير مياه عذبة صالحة للإستهلاك البشرى وبتكلفة فى المتناول ستصبح مصدر قلق وتحدياً كبيراً خلال المرحلة القادمة حيث أن أقل كمية من المياه العذبة ذات الجودة العالية التى يتطلب توفيرها للشخص الواحد فى اليوم لتفادى الإصابة بالأمراض هى ثمانى لترات من المياه وذلك حسب ما أوصت به منظمة الصحة العالمية .
وللحديث بقية
إعداد م. تيمور السعيد خليل
مدير مشروعات ميناء دمياط