خواطر ايمانية

ترشيد النفس

حكى لي رجل متقدم في العمر أنه رأى في المنام مالا يسره وسألني عن تفسير ما رآه فقلت له : الله أعلم فأنا لست خبيرا في تفسير الأحلام ، ولكن رحمة الله تعالى بعبده تتجلى في تنبيهه حتى لا يُفاجأ بما لا يسرُّه ، وفي ذلك أيضا تنبيه لنا على ضرورة إراحة النفس من كل ما يضايقها قبل الذهاب إلى النوم وقبل الشروع في أي عمل وأن نتمثل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ... لِيصِّلِ أحدكم نشاطه ، فإذا فتر فليرقد ) وهنا يرشدنا الرسول الكريم بأن نصلي ما دمنا قادرين على ذلك فإذا قل نشاطنا لـ ( فتر) فنستريح (نرقد) . .
-خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وجعل له العقل الذي به يعرف حقيقة خَلقه [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] ، وبالعقل يستطيع الإنسان أن يميز بين الحلال والحرام وبين الطيب والخبيث ، وألحَقَ عز وجل بالعقل كُلَّا من القلب – الفؤاد – الصدر – السمع والبصر ، وجعل للإنسان النفس التي هي مسؤولة عن حفظ بدن الإنسان وسلامة أعضائه بأي طريقة سواء أكانت حلالا أو غير ذلك ، وحيث أن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يعيش الإنسان في هذه الدنيا تحت الإختبار ليميزالله المؤمن من الكافر والطيب من الخبيث [ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور] ، لهاذا أوجد سبحانه وتعالى الشيطان وأقدره على الوسوسة إلى نفس الإنسان بما يخالف شرع الله وبما يخالف العقل ، فأصبح على الإنسان أن يختار بين ما شرعه الله ويمليه عليه العقل وبين وسوسة الشيطان إلى نفسه وذلك عن طريق " الإرادة " [ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين ] و [ ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ] . .
-نفس الإنسان تبحث عما يريح الجسد ولا يهمها أكان ذلك من حلال أوحرام حتى أن النفس تجادل الله عز وجل يوم القيامة لتجنب عذاب الجسد في النار [ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ...] ، فعلى الإنسان العاقل أن لا يكلف نفسه فوق ما تطيق حتى لا تستمع نفسه إلى وساوس الشيطان بما تظن أنه في مصلحتها . .
-سوء ظن الإنسان بنفسه محمود ولكن اليأس من إصلاحها مذموم ولكن سوء الظن بالنفس لا ينبغي أن يكون مبالغا فيه بحيث يحرم الإنسان نفسه من الخير أو يصرفه عن الطاعة . .
- فعلى الإنسان أن لا يترك اتخاذ القرار فيما يفعل أو لا يفعل لنفسه لمظنة أن هذا القرار قد يكون من وسوسة الشيطان [ إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ]. .
- على الإنسان أن يعوِّد نفسه على اللين و " الرفق " في معاملته مع نفسه وفي معاملته مع الآخرين وعلى شكر الله عز وجل على كل ما يصيبه من خير أو مكروه وليثق بأن الله سبحانه وتعالى لم يُصبه بذلك المكروه إلا ليختبره فيصبر وله الجزاء الأوفى ويعتبر بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه ) .، وعليه أن يحاول بأقصى ما يستطيع أن يصل بنفسه إلى درجة النفس المطمئنة أو النفس الراضية المرضية لكي تنال نفسه كل ما تتمناه من رضا الله ونعيم الجنة كما قال سبحانه وتعالى : [ يا أيتها النفس المطئنمة * إرجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي]. .
- والحديث الشريف الذي فيه بشارة عظيمة : ( ... فقال له سلني فقلت له أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال : أوَ غير ذلك فقلت هوَذاك ، قال : أعنِّي على نفسك بكثرة السجود ) ، والبشارة هنا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يبشر عباد الله بأن الله تعالى سينعم عليهم بصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم في الجنة بكثرة سجودهم لله تعالى والدعاء له بالمغفرة والرحمة . .
- وخير طريقة يتبعها الإنسان لحث نفسه على نيل درجة النفس المطئنة والنفس الراضية المرضية هي اتباع قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ما معناه : ( المجاهد : من جاهد نفسه وهواه في طاعة الله ) . .
هل تعلم.
معلومة قد تكون جديدة على البعض منا يقول الله سبحانه وتعالى حين أهلك قوم فرعون :( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية : أن رجلاً قال له : يا أبا العباس رأيت قول الله تعالى : "فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين " فهل تبكي السماء والأرض على أحد ..؟ فقال رضي الله عنه : نعم إنه ليس أحدٌ من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه ومنه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن وأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد به عمله وينزل منه رزقه .. فقد بكى عليه ..!! .
وإذا افتقده مصلاه في الأرض التي كان يصلي فيها .. ويذكر الله عز وجل فيها .. بكت عليه ..!! قال ابن عباس : إن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً ..!! فقلت له : أتبكي الأرض ..؟ قال : أتعجب ..؟!!! وما للأرض ألا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود ..!!! وما للسماء ألا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها كدوي النحل ..!! وحين تعمر مكانك وغرفتك بصلاة وذكر وتلاوة كتاب الله عز وجل .. فهي ستبكي عليك ..!! سيفتقدك بيتك وغرفتك التي كنت تأوي إليها سنين عددا ,يقول الشيخ العلامة عبدالعزيز ابن باز رحمه الله : ثلاثة ادعيه لاتنسونها في سجودكم : اللهم إني اسألك حسن الخاتمه " اللهم ارزقني توبةً نصوحة قبل الموت " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "ويقول آلشَيخّ خآلِد آلجبيرِ : كرَرواَ آسّتغَفرَاللّــه آلذّي لاإله إِلآ هُوَ الحّي القُيومَ وأتُوبَ إلّيهَ ؛ عدد خلقه ؛ ورضا نفسه ؛ وزنة عرشه ؛ ومداد كلماته " وسترون عجبآ مَنّ تفريجٍ آلهم ؛ وتيسير آلآمر .. اللهم الهمنا رشدنا وفقهنا فى ديننا وتقبل منا صالح القول والعمل ..اللهم اني اسألك حسن الخاتمه لي ولجميع المسلمين. .
مهندس محمد موسى