الواحة

الكدب ملوش رجلين

الكدب ملوش رجلين ، عباره ترددت كتيرا على مر الأجيال و السنيين ، من و أحنا صغيرين اتربينا ان الكداب بيروح النار وعلى الرغم من ذلك محفورة بذاكرتنا لما كنا بنجرى على جرس التليفون الأرضى وأهلينا يلاحقونا بالتنبيه بعبارة " أوعى تقول أن أحنا هنا ... وأوعى تقول أن أحنا اشترينا كذا و ....... " ولستة طويلة من التنبيهات لندرك أيامها ونتعلم عدم قول الحقيقة حتى عن أقرب الناس ، محاولات جاهدة من التربية و الانضباط قولاً !! وعلى النقيض فعلاً !!... وهنا نتسآل هل نجحت هذه المحاولات فى صنع جيل ومجتمع خالى من الكدب و النفاق و ذو قيم و اخلاق حميده ؟! 
فى منطقه شعبية و من بيت بمتوسط المستوى،  تخرج سلوى على عجل دائما للجامعة فى الصباح الباكر ، حتى لا يفوتها اول محاضره ، عائله سلوى من العائلات المصرية المتمسكة بالعادات و التقاليد إلأى حد الأنغلاق عن المجتمع ، يربون بناتهم كما رأوا ابائهم يفعلون ، الأدب و الانضباط و الأحتشام هو الهدف والغاية والوسيلة . كان لأهلها السيطرة الكاملة واليد العليا فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتها ، لم يعطوا لها فرصه القرار أو تحمل المسئولية طوال مراحل دراستها قبل الجامعية  ، عاشت سلوى منغلقة على عالمها الصغير من البيت إلى المدرسة و كانت الإجازة الصيفية كالسجن المؤقت لها حتى يتاح لها الخروج من المنزل لتذهب إلى المدرسة و تقابل زميلاتها و مجتمعها الصغير. وبعد أن التحقت سلوى بالجامعة أدركت أن هناك الكثير و الكثير الذى لا تعرفه عن العالم الخارجى ،
لتتصدم مع الواقع أن هناك عائلات أخرى تعطى الحرية والثقة لابنائهم ... حرية التصرف فى المواقف الحياتية اليومية دون الرجوع للأهل ،  بعد أن يكونوا قد علموا اولادهم القدرة على فهم الحياة والناس بالتربية الصحية السليمة  ... وتجرأت سلوى وطلبت من أسرتها الذهاب مع زميلاتها فى نهايه اليوم الدراسى فى نزهة قصيرة ، لتتفاجىء برفض عنيف غير مبرر،  من البيت للجامعة و من الجامعة للبيت قالها والد سلوى بنبره شده و غضب . و من هنا دخل التمرد قلب وعقل سلوى مرددة  اشمعنى انا ؟ ، و بدأت تغيب عن محاضرتها و تخرج فى نفس التوقيت خارج أسوار الجامعة  ، بل وصل الحال انها قد تسافر رحله قصيرة من الصباح الباكر و تعود لمنزلها فى ميعادها المعتاد ، تحولت سلوى من الفتاه البريئة المطيعة إلى سلوى المتمرده الكاذبة......... فى قصة سلوى الكذب لم يكن اختيار لكنه كان هروب و محاولة منها كما تصور عقلها وقلة خبرتها من واقعها ومن تشدد أهلها ، وهنا لو تعاملوا الأهل بأسلوب مختلف لما وصلت أبنتهم لهذا السلوك المنحرف  .
....................................
ولم تكن مدام أمينة  أفضل حالاً مما قبلها وهى تتلقى تهانى زملاءها فى العمل بزواج ابنتها الكبرى ، و ترد على استجوبات زملاءها : أنتى جبتوا الشبكة بكام ـ والشقة فين وبكام ـ وتكاليف الفرح والعفش قسمتوا ازاى ووصل حد الحشرية وحب الأستطلاع إلى هو فستان العروسة اشتريته ولا تأجير . ........ و ..... وفى وسط كل ده انسحبت مدام أمينة بهدوء للرد على مكالمة من شخص ذات حيثية وأهمية لتستكمل نفس االرد عن الفرح واالى حصل واللى أتعمل ايه.. مع الفارق أن الرد مختلف تماما ونبرة الفشر والتظاهر أعلى وأعلى .. وتون الكذب وصل .. لقمته مع هذه الشخصية ... والسبب   مينفعش تكون مدام أمينة قليلة قدامه........ وهكذا أصبح الكدب وحب المظاهر والفشر ظاهرة يمارسها الناس من حولنا على اختلاف مستوياتهم ونجد أن السوءال الواحد له الف أجابة مختلفة وأن الحقيقة ليها 100 وش !!!!!!!!
..............
أما صاحب محل الحلويات الشهير واللى زبائنه بتقف بالطوابير لأنه كل حلوياتها بالسمن البلدى والناس اللى واقفة عارفة أن بتشترة بادج واسم المحل فقط وعشان يتقال أن فلان مبيعرفش ياكل أى حلويات إلا من المحل الفلانى وأحنا كلنا عارفين الحقيقة أن كل الحلويات بتتعمل باختراع اسمه ريحه السمن البلدى وليس السمن البلدى الحقيقى ..... وفيه ناس غاوية شراء تقليد البرندات الشهيرة فى الملابس وعليها بادج البراند والتفاخر بأن التيشيرت ده قولو بكام يا ترى ؟؟!! وكأنها فازورة من الفوازير يستمتع هذا الشخص وهو يراقب نظرات الناس المنبهرة بسعر التيشيرت وهنا اختلط البراند الحقيقى من المزيف ...ولا يعنى الناس البحث عن الحقيقة بقدر ما يعنيهم انبهار واحترام الناس لصاحب التيشيرت البراند !!!!!!!!!!! .... ونجد السؤال الواحد ليه عشرات الأجابات زى ما حصل مع أحدى السيدات بسؤالها عن مجموع ابنها فى الثانوية العامة لتجد ردها حسب الشخص اللى امامها هل يكن لها الحب أم الكره والشماته وهل هو قريب ولا بعيد وأيه صلتها بالشخص ده ... أما مع ابنها الذى يأخذ نصيبه من التوبيخ  بمجموعه الزفت اللى مش عارفه تقول  للناس أيه بسببه ؟؟؟؟!!!!!!!!!
........................
وأخر حكاية هى مشكلةأدهم ذات  الـ 16 عام من طبقة متوسطة طالب فى المرحلة الثانوية وفى سن المراهقة وهو سن يقلد الشباب بعضهم بعض وينظرون فيما يمتلكه أصحابهم ومصروف كل واحد فيهم قد أيه !!!......   اعتاد أدهم فى كل عام أن يقف مستمعاً لقصص وحكايات زملاءه ، وعن مغامرات الأجازات الصيفية و وكم  الخروجات و السفر و التنزه ، بينما أدهم ليس لديه ما يرويه من حكايات ، ليس لدى أهل أدهم القدرة المالية للتنزه والسفر .. فهم بالكاد  يعملون طوال الوقت حتى يوفروا المتطلبات الأساسية للحياة  ..... وكبر أدهم وكبر معه سنة ورا سنة  الكدب المَرضى،  وهو الهروب من الواقع إلى عالم آخر فى خياله .. لا يمت للواقع بصله ، من اكاذيب عن سيارات والده الفارهه إلى اكاذيب سفر و الشوبينج ، صنع أدهم عالم خاص به ليحقق ما لم يستطع  تحقيقه فى الواقع ، عاش و غرق فى الوهم حتى أذنيه بل و صدقه !!!!!!! .
هنا يبقى السؤال هل الكذب اختيار شخصى أم مرض ؟؟ ... وهل الكذب مع انتشاره بين الناس على اختلاف طبقاتهم مبرر للتقليل والتصغير من ضرر الكذب وتأثيرة على المجتمع .....  وعلينا نحن الأباء أن ننتبه لتصرفتنا أمام اولادنا لأننا ببساطة نتاج تربية أباءنا لنا وأولادنا سيكونوا بالتالى مثلنا ....وواجبنا أن نكون  مثل أعلى لهم قولاً وفعلاً..... ...
وظاهرة الكذب هى  احيانا انعكاس لتربيه الأهالى الخاطئه ، وأحياناً أخرى  كأختيار شخصى للشخص الكذاب وليس نتيجة خطاْ فى التربية ....وقد يصل إلى حد مَرضى مع بعض الأشخاص...... الكذب من الكبائر فى دول العالم المتحضرة وقد يحاكم الشخص ويسجن لو كذب أو أخفى معلومة ....  و فى النهاية كلنا ندرك أن الكدب ملوش رجلين ، مصير الكدبه هتتعرف هتتعرف فى يوم من الأيام فعلينا أن يكون شعارنا فى الحياة أن أقصر طريق هو قول الحقيقة أى كانت عواقبها ..................
الهام المليجى