الواحة

عودة مصر التى كانت

كان المصرى القديم أحرص ما يكون على أبراز أهمية القيم فى المظاهر الحياتية فكان أهم ما فى وصية الأب قبل وفاته الجانب الأخلاقى حيث نجد الكثير من الحكماء والفراعنة يوصون ابناءهم بالعدل والتقوى كذلك كانوا حريصين على توضيح خلود تلك القيم فى عالم الموت لذلك نحتوا على جدران مقابرهم رمز آله العدل "ماعت" ليتذكروا أن العمل باق معهم .. هذا ما أكده عالم المصريات الأمريكى " جميس هنرى بريستيد" فى كتابه  "فجر الضمير" والذى ألفه فى بدايات القرن الماضى ليثبت للعالم أجمع أن ضمير الإنسانية بدأ فى التشكل على أرض مصر منذ 5000عام لذى حفظ المصريين القدماء حضارتهم بمجموعة من القيم والمبادىء التى تحكم حياتهم قائمة على فكرة العدالة  ... لذى علينا أن نفخر بأجدادنا الفراعنة وهم أصحاب أول لغة مكتوبة فى التاريخ وهم من أسسوا علم الكيماء وأول من درسوا علم الفلك .. ولا يزال العالم يقف مذهولاً من كيفية بناء الأهرامات ، وتقنية التحنيط التى تحفظ الجثث لآلاف السنيين ... ولنا أن نفخر بأجدادنا التى نُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع فى العالم وأخذ منها اليونانيون وتلاهم الرومان  ..... مصر القديمة هى أول دولة مركزية فى التاريخ أى اول من نظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ووضع قوانين تحترم الحقوق والواجبات هكذا كانت مكانة مصر !!!!!!! 
 وحينما أراد محمد على تحقيق حلمه فى بناء مصر الحديثة أعتمد على المصريين أحفاد الفراعنة  و بالعلم والعمل الجاد مستغلاً ما حبى مصر من موقع استراتيجى يربط بين قارتى أسيا وأفريقيا وبدأ فى تكوين جيش مصرى قوى وكون كوادر من المهندسين والأطباء وأسس المدراس المختلفة وحفز المصريين على التعليم بمنح النابهين والمتفوقين وجبة غداء وراتب شهرى إلى أن أصبحت ثقافة المصريين هى تعليم أبناءهم فى المدارس وتوالت إرسال بعثات المصريين المتفوقين للخارج لتعود تلك الكودار لتحل محل الأجانب فى المدارس المختلفة ، وساعد فى تمويل حلم محمد على ناتج محصول القطن والذى عمل على النهوض بزراعته بأحدث ما توصل إليه العلم وقتها وأمر بإنشاء الطرق وحفر الترع وتغيير نظام الرى المتبع منذ آلاف السنيين وأدخل الصناعة لتقليل الأستيراد من الخارج ومنها صناعة المنسوجات التى أصبحت فى عهده تنافس بقوة الأسواق العالمية ، إلى أن أحدث نهضة حديثة فى الصناعة والزارعة والثقافة والفن وجميع النواحى ............... هذه مصر التى كانت منارة علم وشعاع يضيء المنطقة  بسواعد المصريين لأنهم حاملين لجين التميز حين تأتيه الفرصة والبيئة لذلك .....  وتعرضنا لسنوات من الجمود وتوهان الهدف منا إلى أن حدث لنا فى السنوات الأخيرة نهضة إنشائية حديثة لبناء مصر مرة أخرى ولكن علينا أن ندرك أن النجاح لا يحدث صدفة ولكن نتيجة معاناة وجهد وأرادة وأن النهوض والتقدم نتيجة العمل الجماعى وعلينا أن نبدأ فى معالجة السلبيات والسلوكيات التى طرأت علينا ................ 
حب الوطن ليس بالشعارات والأغانى بل بالأخلاق والسلوك وهى مرأة الشعوب فماذا نحن فاعلين مع السياح وهم مصدر هام للدخل القومى ولماذا يكون سلوك بعضنا هو الإستغلال دون الإهتمام أن ما نفعله ينقل بالصوت والصورة فى جميع أنحاء العالم لتظهر صور تحذيرات على الأنترنت من التواجد فى هذه البلاد ..... ولماذا لا تكون بلادنا وأهلها مثل ما رأينا من تنظيم بطولة كأس العالم بروسيا والصورة التى ابهرتنا جمعياً من نظافة ونظام وترحاب بجميع الجنسيات .... أين النظافة فى شوارعنا وهى مسئوليتنا جمعياً كأفراد قبل أن تكون مسئولية محافظات   ولماذا أصبحنا نستهين عندما  نرى شخص يلقى بكيس القمامة وسط الشارع أو أسفل سيارة مركونة ، مسئوليتنا ليس فى نظافة شقتنا فقط بل تمتد إلى العمارة والشارع ... ، علينا أن نستعيد أحساس قدسية الملكية والمنافع العامة وأن تحافظ على الجمال ... وأن نكون رقباء على أنفسنا قبل الأخرين وألا ننتظر عسكرى المرور لنحترم الإشارة ، وان نتعلم ثقافة النظام والطابور فى قضاء مصالحنا وأن نوقر ونحترم كبار السن ونقدمهم عن أنفسنا ، وألا نتعدى على حرية الأخرين وان نهذب ونرقى الفاظنا وعلينا إعلاء القيم والأخلاق فعلياً فى سلوكنا دون اللجوء للمظاهر الدينية المزيفة، وأن تمد يد المساعدة لجارك المحتاج وتشارك فى جمع الأموال من الحى التى تقطن فيه ليتم صرف هذه الأموال فى تجميل وتشجير الحى وما يحتاجه من خدمات دون انتظار الدولة ان تقوم بكل كبيرة وصغيرة ......

حب الوطن  هو الحرص على المصلحة الشخصية دون تعارض مع المصلحة العامة ، وان تكون السيادة للقانون فقط وهو الفاصل بين الناس دون اللجوء لطرق أخرى .. وان نرى " أن العمل عبادة"  وليأخذ الشباب من تجربة محمد صلاح الناجحة وكيف علم نفسه بنفسه وجد واجتهد إلى أن وصل إلى العالمية ... ونرى حبه لوطنه حينما أصر على مشاركة المنتخب الوطنى فى كأس العالم برغم أصابته قبل البطولة بأيام قليله ... وندرس ونتفكر كيف أخفق المنتخب فى تحقيق حضور مشرف لعدم توافر العمل الجماعى داخل منظومة مرتبة ومعدة مسبقاً ... ولهذا لن تنهض وتتقدم بلدنا الحبيبة إلا بشعبها وايمانه بالعمل الجماعى وأن النجاح يساوى العلم والعمل والأخلاق التى تجعل الضمير فى قلب ووجدان كل إنسان دون رقيب ........................ 
  الهام المليجى