اخبار من هنا وهناك

استشارة قانونية اعداد /رياض مصطفي البرلسي رئيس قطاع الشئون القانونية والعقارية مدير الإدارة القانوني


الجزء الثاني من إلتزام جهة التعاقد بالتعويض تطبيقا لنظريةالظروف الطارئة
في هذا العدد نستكمل باقي شروط إلتزام جهة التعاقد بالتعويض تطبيقا لنظرية الظروف الطارئة ومدي إلتزام الإدارة بتعويض المتعاقد معها كأثر لذلك التطبيق وذلك علي النحو التالي:
**الشرط الثانى:
أن يكون الظرف الطارئ أجنبيا عن إرادة المتعاقد مع الادارة لكى يستحق المتعاقد مع الإدارة مشاركتها له فى تحمل جزء من الأضرار التى أوجدها الظرف الطارئ - فإنه ينبغى الا يكون له دور فى تعرضه لتلك الأضرار، كما لو تأخر فى تنفيذ التزامه التعاقدى عن موعده المنصوص عليه بالعقد أو تجاوز المدة الإضافية التى منحتها له الإدارة لتنفيذ هذا الالتزام، مما أدخل تنفيذ العقد فى نطاق الظرف الطارئ، الأمر الذى أدى لتأثره به، ذلك لأن المتعاقد هنا قد أخطأ، والخطأ يجُب الحق فى المطالبة بالتعويض ,كما يتعين لاستفادة المتعاقد مع الإدارة بالتعويض المقرر بنظرية الظروف الطارئة ألا يكون قد ساهم بخطئه فى إحداث هذا الظرف، أو أدى تقضيره الى تفاقم أثره الضار ,ففى مثل تلك الأحوال يتحمل المتعاقد - وحده - العبء المالى للظرف الطارئ، ولا مجال لمطالبته الإدارة بمشاركته فى ذلك.
** الشرط الثالث:
عدم توقع المتعاقد مع الإدارة للظرف الطارئ وعدم استطاعته دفعه: لإعمال نظرية الظروف الطارئة فإنه يتعين أن يكون حدوث الظرف الطارئ خارجاً عن نطاق التوقعات المتعلقة بتنفيذ العقد الإدارى ، كما ينبغى ألا يكون بوسع المتعاقد دفع هذا الظرف أو الحيلولة دون حدوثه.
أولاً عدم توقع الظرف الطارئ:
حتى يتسنى للمتعاقد مع الإدارة المطالبة بمشاركتها له فى تحمل جزء من الأثر الضار للظرف الطارئ فإنه يتعين ألا يكون قد توقع حدوث هذا الظرف وفقاً للمجرى العادى للأمور. كما ينبغى ألا يكون بوسعه هذا التوقع. وعلى ذلك فإن الظرف الطارئ الذى تتطلبه نظرية الظروف الطارئة يعنى ذلك الظرف الاستثنائى الذى لم يكن فى حسابات المتعاقد حين أبرم عقده مع الإدارة مثل قرار الحكومة بمنع استيراد سلعة يلتزم المتعاقد بتوريدها. ولم تجعل المحكمة الإدارية العليا من الارتفاع العادى فى الأسعار ظرفاً طارئاً حين ذهبت إلى أنه "....وقد كان على الشركة الطاعنة إن كانت حريصة على تنفيذ التزاماتها بحُسن نية أن تتوقع ارتفاع الأسعار المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 5955 لسنة 42ق جلسة 8/5/2001 - المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 2541 لسنة 29ق جلسة 30/11/1985
ثانياً: عدم إمكانية دفع المتعاقد للظرف الطارئ.
عدم توقع المتعاقد للظرف الطارئ غير كاف لأعمال نظرية الظروف الطارئة، حيث يتعين أن يثبت إلى جواره عدم استطاعة المتعاقد دفع هذا الظرف أو مواجهته بالطرق العادية المألوفة توقياً لأثاره الضارة أو منعاً لتفاقمها. فإذا كان بإمكانه ذلك إلا أنه لم يفعل، فلا يستحق تعويضاً عما يخلفه الظرف الطارئ من آثار ضاره.
**الشرط الرابع:
إصابة الظرف الطارئ للمتعاقد بخسائر فادحة: لا يكفى لتطبيق نظرية الظروف الطارئة، أن يعترض تنفيذ العقد الإدارى ظرف طارئ غير متوقع الحدوث لا دخل لإرادة المتعاقد فيه ولا يملك المتعاقد مع الإدارة له دفعاً حيث يجب أن يُلحق هذا الظرف بالمتعاقد ضرراً استثنائياً تنشأ عنه خسارة فادحة بحيث يكون تنفيذ المتعاقد لالتزامه فى ظل قيام هذا الظرف مرهقاً له من الناحية المالية. ومن ثم فيخرج عن نطاق تطبيق نظرية الظروف الطارئة ما يؤدى إليه الظرف الطارئ من مجرد نقص فى الأرباح أو ارتفاع طفيف فى كلفة تنفيذ العقد، حيث أن ذلك من قبيل المخاطر العادية فى تنفيذ العقود الإدارية التى لا يستحق المتعاقد عنها تعويضاً. وقد ذهبت محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن إلى أنه إذا ترتب على الظرف الطارئ خسارة بسيطة بالنسبة إلى عناصر الضرر فى مجموعة، أو انحسر كل أثر الظرف الطارئ فى تفويت فرصة الربح على المتعاقد فإنه لا يكون ثمة مجال لإعمال أحكام هذه النظرية (محكمة القضاء الإدارى جلسة 19/6/1990 السنة 14 صـ261) ولم تعتبر المحكمة الإدارية العليا نقص أرباح المتعاقد مع الإدارة نتيجة للظرف الطارئ من قبيل الخسائر الفادحة التى تخول له حق الحصول على تعويض استناداً إلى نظرية الظروف الطارئة (المحكمة الإدارية العليا . طعن رقم 1749 لسنة 37ق جلسة 16/12/1997) وتطبيقاً لهذا الشرط فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن ارتفاع أسعار الأصناف أو السلع التى تعهد المورد بتوريدها ارتفاعاً باهظاً يعتبر ظرفاً طارئاً لم يكن فى الحسبان توقعه عند التعاقد طالما يترتب عليه زيادة أعباء المورد بتحميله خسائر فادحة (المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 877 لسنة 37ق جلسة 2/1/1984) ولم يعتبر إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إلزام شركات المقاولات بضريبة المبيعات عن الأعمال التى تنفذها من قبيل الظروف الطارئة إذ أن هذه الضريبة وإن زادت من التزامات تلك الشركات إلا أنه ليس من شأنها إصابتها بخسارة فادحة تتجاوز كل تقديرات الخسارة بما يبرر التدخل لإقالتها من عثرتها والوصول بهذه الخسارة إلى الحد المعقول ذلك لأن شركات المقاولات كانت تلتزم قبل ضريبة المبيعات بأداء ضريبة الاستهلاك والفرق بين الالتزامين وإن تحققت به بعض الخسارة إلا أنه ليس من شأنه وحده أن ينتج خسارة فادحة ومن ثم ينتفى بذلك أحد شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة (فتوى رقم 328 جلسة 28/4/1993 ، فتوى رقم 127 جلسة 31/1/3/1993) (المحكمة الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 54، 801 لسنة 35ق جلسة 4/4/1993) مدى إلتزام الإدارة بتعويض المتعاقد فى إطار نظرية الظروف الطارئة التعويض الذى يكفله قيام الظرف الطارئ ليس تعويضاً كاملاً على نحو الوارد بنظرية عمل الأمير وإنما هو تعويض جزئى ينطوى على معنى مشاركة الإدارة ومساهمتها مع المتعاقد معها فى التخفيف من الأثر الضار للظرف الطارئ غير المتوقع الذى اعترض تنفيذه لتعاقده مع الإدارة تمكيناً له من الاستمرار فى الوفاء بالتزامات هذا التعاقد على نحو يتحقق معه ضمان استمرار سير المرفق العام بانتظام وإطراد. حيث يكفى فى التعويض أن يؤدى لرد الخسارة الفادحة التى حاقت بالمتعاقد مع الإدارة إلى الحد المعقول، الذى يمكنه من الاستمرار فى الوفاء بالتزامه التعاقدى، الذى قد يتوقف عنه لو لم تتدخل الإدارة لإقالة عثرته بمشاركته فى تحمل جزء من تلك الخسارة. ومن ثم فقد قضت المحكمة الادارية العليا بأن التعويض الذى تلتزم الإدارة بأدائه للمتعاقد معها إعمالاً لنظرية الظروف الطارئة لا يستهدف تغطية الربح الضائع أيا كان مقداره أو الخسارة العادية فى التعامل ذلك لأن أساسه تحمل الجهة الإدارية المتعاقدة لجزء من خسارة فادحة ومحققة تندرج فى معنى الخسارة الجسيمة بغرض إعادة التوازن المالى للعقد بين طرفيه. (المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 3562 لسنة 29ق جلسة 16/5/1987 مجموعة أحكام السنة 32 صـ1235) وتوقياً من الإدارة للمشاركة المالية للمتعاقد معها حال قيام الظرف الطارئ فقد تعفيه من تنفيذ جزء من التزاماته طيلة مدة قيام هذا الظرف حيث لا يكون لطلبه بالتعويض فى هذه الحالة محل (المحكمة الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 1223، 1224 لسنة 27ق جلسة 1/12/1984) استمرار المتعاقد فى آداء التزاماته التعاقدية هو مناط تعويضه وفقاً لنظرية الظروف الطارئة: وعلة هذا الاشتراط أن التعويص وفقا لنظرية الظروف الطارئة يهدف الى دفع المتعاقد مع الإدارة للاستمرار فى الوفاء بالتزامه التعاقدى فى ظل ما يكابده من خسارة أوجدها الظرف الطارئ. وقد قضت المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن بأنه ليس مؤدى تطبيق نظرية الظروف الطارئة، بعد توافر شروطها، أن يمتنع المتعاقد فوراً عن تنفيذ التزاماته الواردة بالعقد، ومن ثم فلا يكون له دعوة الإدارة لمشاركته فى تحمل جزء من الخسارة التى أوجدها الظرف الطارئ، ما دام قد أخل بالتزامه التعاقدى مع الإدارة بامتناعه عن تنفيذ العقد خلال المدة المحددة به بغير سند يبرر هذا الامتناع (المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 2541 لسنة 29ق جلسة 30/11/1985)
ومن الجدير بالذكر أنه لا حق للمتعاقد مع الإدارة فى الحصول على تعويض عن الظرف الطارئ الذى ألحق به خسارة فادحه أخلت بالتوازن المالى للعقد، إذا ما نص هذا العقد صراحة على تنفيذه دون تعويض فى حالة اعتراض ظرف طارئ لهذا التنفيذ (المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 5955 لسنة 42ق جلسة 8/5/2001) حيث انصرفت نية طرفى العقد إلى تنحية نظرية الظروف الطارئة وتوافقت إرادتهما الصريحة على ذلك.