خواطر ايمانية

ومضات من سيره سيدا شباب أهل الجنة وعقيلة بنى هاشم ( رضى الله عنهم )

الإمام الحسن رضى الله عنه هو الإبن الأول للسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه أمير المؤمنين على بن أبى طالب إبن عم الرسول صلى الله عليه وسلم و لد رضى الله عنه فى ليله النصف من رمضان من السنه الثالثة للهجرة ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بولادته أسرع إلى بيت ابنته وأذن فى أذنه اليمنى وأقام فى اليسرى فكان أول صوت سمعه المولود صوت جده النبى محمد صلى الله عليه وسلم الذى سماه حسناً .... ومن ألقابه رضى الله عنه : التقى والطيب والذكى والولى والسبط والسيد والمجتبى وأشهرها السبط وأعلاها السيد روى البخارى عن أبى بكر رضى الله عنهما قال : رأيت النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن على معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول : " إن ابنى هذا سيد , ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " وهو أحد الأثنين اللذين إنحصرت فيهما ذرية الرسول عليه الصلاة والسلام وقيل أنه لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن بن على خلقاً وخلفاً وهيئة وهدياً وسؤدداً .
وقد نشأ الإمام الحسن فى بيت الوحى وتربى فى مدرسة التوحيد وشاهد جده صلى الله عليه وسلم أكمل إنسان فى الوجود فتأثر بذلك وإنطلق يسلك خطا جده فى نصح الناس وإرشادهم .... وكان الإمام الحسن رضى الله عنه أعبد الناس فى زمانه وأفضلهم وأزهدهم فى الدنيا وقد روى أنه حج عشرين حجة سعياً على قدميه وربما مشى حافياً وكان إذا توضأ أو صلى إرتعدت فرائصه وإصفر لونه ... وبعد مقتل أبيه الإمام على – كرم الله وجهه بايعة أهل العراق إذ إجتمع المسلمون فى جامع الكوفة فى صباح الحادى والعشرين من شهر رمضان من السنه الأربعين للهجرة , وأقبل الإمام الحسن فخطب فيهم خطبة بليغة وتلقى بيعتهم لكنه لم يمكث فى الخلافة سوى ستة أشهر إذ رأى الفتنة بين أنصار الإمام على وأنصار معاوية لم تهدأ فدفعه ورعه وفضلة ومراعاة مصلحة المسلمين أن يترك الدنيا والملك وينزل عن الخلافة لمعاويه على أن يعمل فى المسلمين " بكتاب الله وسنة رسوله وسير الخلفاء الصالحين وليس لمعاويه بن أبى سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله فى شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم وعلى أن أصحاب على وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم " وفى هذه المناسبة قال رضى الله عنه : والله ما أحببت – منذ علمت ما ينفعنى ويضرنى – أن لى أمر أمه محمد صلى الله عليه وسلم على أن تراق فى ذلك محجمة دم " وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال " إن ابنى هذا سيداً ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " .
ومن ورعه وتقواه أن أحدهم سمعه يناجى ربه ويبكى فقال له : أتخاف عذاب الله وعندك أسباب النجاه , أين رسول الله وشفاعته صلى الله عليه وسلم ورحمة الله التى وسعت كل شئ ؟ فقال الإمام الحسن رضى الله عنه : أما أنى ابن رسول الله فالله يقول : ( فإذا نفخ فى الصور فلا أنساب بينهم " وأما الشفاعة فهو سبحانه يقول ( من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه ) وأما الرحمه التى وسعت كل شئ فالله يقول ( فسأكتبها للذين يتقون ) فكيف الأمان يا أخا العرب , وكان الكرم من أبرز صفات الإمام الحسن فقد كان يعطى حين يسأل وحين لا يسأل وكان يصبح فيصل الصبح ويجلس فى مكانه حتى إذا ارتفعت الشمس طاف بأمهات المؤمنين زائراً لهن متحدثاً إليهن ثم يفرغ لبعض شأنه فإذا صلى الظهر جلس للناس فى المسجد فأطال الجلوس يسمع منهم ويقول لهم ويعلم من إحتاج إلى العلم ويؤدب من إحتاج إلى الأدب ويسمع من شيوخ الصحابة ما يفيده علما وأدباً وكان إذا بلغ المسجد رفع رأسه قائلاً إلهى ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسئ فتجاوز عن قبيح ما عندى بجميل ما عندك يا كريم .... ومن بليغ كلامه رضى الله عنه هلاك الناس فى ثلاث : الكبر والحرص والحسد فالكبر به هلاك الدين وبه لعن أبليس والحرص عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة والحسد رائد السوء وبه قتل هابيل قابيل . وقد أجمع المؤرخون على أن الإمام الحسن رضى الله عنه مات مسموماً وفى لحظاته الأخيرة دخل عليه أخوه الحسين سيد الشهداء فلما نظر إلى ما يعانيه من ألم اغرورقت عيناه بالدموع فنظر إليه الحسن وقال له ما يبكيك يا أبا عبد الله , فقال أبكى لما صنع بك ! وفى هذه اللحظات الأخيرة استشف الإمام الحسن ماسيجرى على أخيه الحسين من بعده فهان عليه ماهو فيه فأرخى عينيه بالدموع وقال بنبرات مرتعشة حزينة إن الذى أوتى إلى سم أقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله قد ازدلف إليك ثلاثون ألفاً يدعون أنهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه وسلم وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وإنتهاك حرمتك وسبى ذراريك ونسائك. وكانت وفاته رضى الله عنه بالمدينة فى يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة ( 670 م ) .
الحسين بن على رضى الله عنهما
هو الابن الثانى للسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام على بن أبى طالب بعد الإمام الحسن رضى الله عنهم, ولد الإمام الحسين رضى الله عنه فى الخامس من شعبان سنه أربع من الهجرة النبوية بالمدينة المنورة وهو يعد ثانى السبطين الشريفين الحسن والحسين سيدى شباب أهل الجنة وريحانتى المصطفى صلى الله عليه وسلم ... أبوه الإمام على بن أبى طالب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمه السيده فاطمة الزهراء رضى الله عنها ...تقول أسماء بنت عميس بعد حول من مولد الحسن رضى الله عنه ولدت السيدة فاطمة الزهراء الحسين فجاءنى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا أسماء هاتى ابنى فدفعته إليه صلى الله عليه وسلم فى خرقه بيضاء فإستبشر به وأذن فى أذنه اليمنى وأقام فى الأذن اليسرى ثم وضعه فى حجره وبكى ... فقلت : فداك أبى وأمى يارسول الله !!فيم بكاؤك ؟ قال : على ابنى هذا قلت : أنه ولد الساعة قال :يا أسماء تقتله الفئة الباغية لاأنالهم الله شفاعتى ثم قال يا أسماء لا تخبرى فاطمة بهذا فإنها قريبة عهد بولادته ثم أقبل على فقال له النبى : أى شئ سميت ابنى , قال : ماكنت لأسبقك باسمه يا رسول الله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم سمه حسيناً .
وكان الإمام الحسين بن على يكنى أبا عبد الله ويلقب بالرشيد والطيب والذكى والوفى والسيد والمبارك والسبط وقدم يوماً بصبيان يأكلون كسراً فسألوه أن يأكل معهم فجلس بينهم وقال : لولا أنه صدقة لأكلت معكم فإنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ثم قال لهم : قوموا معى إلى منزلى فأطعمهم وكساهم وقال إنهم أسخى منى لأنهم بذلوا جميع ما قدروا عليه وأنا بذلت ماأقدر عليه ... ومر مع أخيه الحسن رضى الله عنهما وهما صبيان بشيخ لا يحسن الوضوء فلم يدعهما السمو وحب الخير أن يتركا الشيخ على جهله لا يحسن وضوءه فأحدثا نزاعاً صورياً أمامه وجعل كل منهما يقول لأخيه : أنت لا تحسن الوضوء والتفتا إلى الشيخ وفى أسلوب هادئ وقور طلبا منه أن يحكم بينهما قائلين له : يا شيخ كل واحد منا يتوضأ أمامك وأنت تحكم أينا أحسن وضوءاً وتوضآا أمامه والشيخ ينظر إليهما ويمعن فى وضوئهما حتى فطن إلى قصوره وتقصيره من دون أن يأنف وقال لهما : يا ابنىٌ كلاكما يحسن الوضوء وأنا الشيخ الجاهل الذى لا يحسنه وقد تعلمت منكما أثابكما الله ! وقد حج الحسين خمساً وعشرين حجه ماشياً على قدميه وكان يجالس المساكين ويقرأ ( إن الله لا يحب المتكبرين ) . نكتفى بهذا الجزء من حياة الحسين رضى الله عنه حتى لا تغمرنا مشا عر الحزن والأسى على ما نزل به من بلاء يوم كربلاء فى العاشر من المحرم سنه 61 هـ (680 م ) ليرتفع ذكره فى الدنيا ويرتفع مقامه فى الآخرة ليصل إلى مرتبة سيد شهداء أهل الجنة .