الواحة

أدب الاختلاف في الاسلام

الحمد لله الرحيم الغفار ، الكريم القهار ، مقلب القلوب والأبصار ، عالم الجهر والأسرار ، أحمده حمداً دائماً بالعشي والإبكار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تنجي قائلها من عذاب النار ، وأشهد أن محمداً نبيه المختار صلى الله عليه وعلى أهله وأزواجه وأصحابه الجديرين بالتعظيم والإكبار ، صلاة دائمة باقية بقاء الليل والنهار .
ولعل مرد معظم اختلافاتنا اليوم الى عوج في الفهم تورثه علل النفوس من الكبر والعجب بالرأي، والطواف حول الذات والافتتان بها، واعتقاد ان الصواب والزعامة وبناء الكيان انما يكون باتهام الآخرين بالحق وبالباطل، الامر الذي قد يتطور حتى يصل الى فجور في الخصومة والعياذ بالله تعالى.
فالمشكلة التي نعاني منها اليوم اننا افتقدنا الموجه الصحيح والمؤشر الضروري الذي يمنحنا السلامة ويكسبنا الصواب لهذا العلم وتلك المعرفة، اننا اكتسبنا المعرفة وافتقدنا خلقها، وامتلكنا الوسيلة وضيعنا الهدف والغاية، وما اكثر ما فوتت علينا خلافاتنا حول مندوب او مباح امر مفروضا او واجبا، لقد اتقنا فن الاختلاف وافتقدنا آدابه والالتزام باخلاقياته، فكان ان سقطنا فريسة التآكل الداخلي والتنازع الذي اورثنا العديد من المشاكل والوهن، قال تعالى:
«ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» « الانفال: 26
ان الاختلاف بوجهات النظر بدل ان يكون ظاهرة صحية تغني العقل المسلم بخصوبة في الرأي ، والاطلاع على عدد من وجهات النظر، ورؤية الامور من ابعادها وزواياها كلها، واضافة عقول الى عقل، انقلب عند مسلم عصر التخلف الى وسيلة للتآكل الداخلي والانهاك، وفرصة للاقتتال،
كما أن الشورى لا ينبغي أن تكون وسيلة لتصفية الحسابات أو احتلال المواقع أو تعرية المواقف ، بل المقصود منها الوصول إلى أفضل السبل لخدمة الدين . فليس بعيب أن يعترف الانسان بعيبه ، ولكن الخطأ في أن يتمادى المخطئ في خطئه أو الناقد في تربصه كأنه سبع وقع على فريسة ليجهز عليها . وهناك مسئولية مشتركة على المخطئ في الرأي والناقد للآخرين ، ألا وهي تقديم البديل ، وهذا هو المقصود بقولنا : أن يكون عمليا ، أي مفيدا في نقده ، فالمخلص ينقد برفق وينصح بخفاء ويرشد ويرجع إلي الصواب ولوفي صف غيره ، أو نسب الخير كله للناس ولم يرجع منه بشيء .
ناصر خطاب
الإداره العامه للإستشارات الهندسه