الواحة

مكانة الوالدين‏..ووجوب البر بهما

تتضح مكانة الوالدين بالأمر الإلهي ببرهما والإحسان إليهما بعد الأمر بعبادة الله سبحانه وتعالي وحده‏,‏ كما قرن سبحانه بين شكره وشكر الوالدين في قوله سبحانه أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير‏,‏
 وتوضح الآيات الكريمة وجوب البر والإحسان للوالدين في مرحلة من أهم مراحل العمر وهي مرحلة الكبر فينهي الله الابن أن يتضجر أو يتبرم من والديه حتي أقل كلمة وهي أف فلا يقول لهما أف ولا ينهرهما ولا يزجرهما بغلظة فيما لا يعجبه منهما بل عليه أن يقول لهما قولا كريما وهو القول الحسن الذي يتسم بالاحترام والتوقير للوالدين.
ويلاحظ أن الله تعالي قال: إما يبلغن عندك الكبر وكلمة عندك تشير إلي أن واجب الابن أن يرعي الوالدين عند الكبر والضعف وأن يكون الوالدان في رعايته وكنفه وعنده, فيقوم بخدمتهما وتقديم كل ما يحتاجان إليه.
وألا يتركهما في مكان آخر أو استراحة أو دور المسنين إلا عند الضرورة, حيث لا يتمكن من توفير المكان الذي يريحهما, ولسنا ننقص من قيمة دور المسنين, ولكن نقول إذا كان من الممكن أن يقيما في كنف ابنهما كان هذا أفضل وأكمل وأوفق للهدي القرآني: إما يبلغن عندك أي أن يكونا في كنفه ورعايته, وخص مرحلة الكبر, لأنها المرحلة التي يكون الوالدان ضعيفين فيها ويحتاجان إلي المزيد من الرعاية والخدمة والرحمة, وأمر الله بالقول والفعل الحسن فقال وقل لهما قولا كريما. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة فأمر الابن أن يقول لوالديه القول الحسن الذي يشتمل علي التوقير والاحترام, وأن يتواضع لهما بتذلل عليهما, ثم يري بأنه مهما قال وفعل فلن يستطيع أداء ما يجب لأبويه فيكل الجزاء إلي الله أكرم الأكرمين فيدعو الله تعالي أن يرحمهما وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم لما صعد المنبر قال: آمين آمين آمين قيل: يارسول الله علام أمنت؟ قال: أتاني جبريل فقال: يا محمد رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقلت: آمين ثم قال: رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج فلم يغفر له قل آمين فقلت أمين, ثم قال: رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة, قل آمين, فقلت: آمين, رواه الترمذي.
ولأهمية بر الوالدين جعل الله برهما مستمرا حتي بعد وفاتهما وذلك بالدعاء لهما والاستغفار لهما وغير ذلك من أمور البر كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بالسند عن أبي أسيد وهو مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من الأنصار فقال: يارسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ فقال: نعم خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما, وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما, فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما, رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
بل إن المتتبع للهدي النبوي الحكيم يري أن فيه تأكيدا وتفصيلا لما جاء في القرآن الكريم, فأهمية بر الوالدين تتقدم علي كل العبادات بل إن بر الوالدين يوازي الجهاد ويفضل عليه أحيانا وخاصة البر بالأم كما جاء في الحديث عن معاوية بن جاهمة السلمي, أن جاهمة جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يارسول الله أردت الغزو, وجئتك أستشيرك فقال: فهل لك من أم؟ قال: نعم قال: فالزمها فإن الجنة عند رجليه

اعداد غانم محمود