خواطر ايمانية

أحبــــــاء اللـــــــه

·  مقام كريم، منحة ربانية، كنز ثمين، فضل من الله ونعمة أن تكون حبيباً
لرب العزة، فتنال رضاه وتكون من الفائزين بخيري الدنيا والآخرة.
فكيف تكون حبيباً لله؟ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يوضحان لنا صفات أحباب الله وأعمالهم ومكانتهم ودرجاتهم وأجورهم.
·  عشر فئات من المؤمنين يحبهم الله، عسى الله أن يجعلنا منهم:
1.  المتقون: [إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ] وتقوى الله هى اتباع أوامره واجتناب نواهيه، وتلك وصية الله للأولين والآخرين [ولَقَدْ وصَّيْنَا الَذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وإيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ] ويقول عنها الإمام على كرم الله وجهه (هي العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل)، ويقول عنها الإمام الشافعي: لست أرى السعادة جمع مال ولكن التقى هو السعيد، وتقوى الله خير الزاد ذخراً وعند الله للأتقى مزيد، ومن ثمار التقوى ماجاء في قوله تعالى [ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ] [ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً] [ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ويُعْظِمْ لَهُ أَجْراً] [واتَّقُوا اللَّهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ].
2.  المحسنون: [واللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ] وهم الذين يحسنون التعامل مع الله ومع خلق الله مستشعرين معية الله ورقابته على كل أقوالهم وأعمالهم، وفي الحديث الشريف عن مقام الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك – ترجو رحمته وتخشى عقابه، وعن جزاء المحسنين [لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيَادَةٌ] أي الجنة ورؤية الله جل وعلا .
3.  الصابرون: [واللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ] – الصبر هو عدم الجزع أو الضجر أو الاعتراض على قضاء الله عند المصيبة في النفس أو المال أو الولد، وعدم الغرور والبطر عند حدوث نعمة، ويتحقق ذلك باليقين والتصديق بالقلب بأن كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر هو بإذن الله وعلمه من قبل أن يقع، وبمقتضى حكمته، فهو سبحانه العليم بأحوال ومصالح عباده الحكيم في صنعه وقضائه، قال تعالى : ) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ] وفي الحديث الشريف (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً لها وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، وعن أجر الصابرين قال تعالى : [إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ]  [ولَنَجْزِيَنَّ الَذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ].
4.  المقسطون: [إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] والمقسط هو العادل في حكمه والمنصف للمظلوم من الظالم مؤمناً كان أو غير مؤمن [ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى] [لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ].
5.  التوابون والمتطهرون: [إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ].. التوابون هم الذين أقلعوا عن الذنب إذا أذنبوا وندموا وعزموا على عدم العودة إليه، وأخلصوا العبادة، وردوا الحقوق لأصحابها ورفعوا المظالم عن المظلومين بسببهم، والتطهر يكون حسياً بتطهير الجسد من النجاسات بالوضوء والاغتسال، ومعنوياً بطهارة القلب واللسان والباطن من الأحقاد والمعاصي والذنوب والرذائل وسوء النيات والتعاون على البر والتقوى وفعل الخيرات.
6.  المتوكلون: [إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ] .. والتوكل هو أن يفوض العبد أمره إلى الله في قضاء حوائجه أو دفع الشر عنه، معتمدا عليه واثقا في قدرته راضياً وقانعاً بقضائه – وذلك بعد الأخذ بالأسباب [ومَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً] وفي الدعاء المأثور ( ياحي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).
7.  المتقربون إلى الله بالنوافل : والنوافل هي العبادات التطوعية من غير الفرائض كصلاة السنن والضحى وقيام الليل وغيرها – والصدقات والصوم – والحج والعمرة ، وهذه تورث حب الله للعبد وما يترتب عليها من نفحات، ففي الحديث القدسي  (ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه، أي أن جوارحه تتحرك بإلهام من الله تعالى بكل ما يرضي الله ويعود بالخير على صاحبها.
8.  المجاهدون في سبيل الله: والجهاد يكون بالنفس أو المال أو بكليهما [فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ.......] أي متواضعين لإخوانهم المؤمنين أشداء على الكفار، يقاتلون لاعلاء كلمة الله ولا يخافون لومة لائم في نصرة دينهم.
9.  الذين يقاتلون في سبيله صفاً واحدا: [إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ] – وهم المقاتلون في سبيل الله صفاً واحداً متماسكاً دون ثغرات أو شقاق أو خلافات وذلك هو أساس النجاح وسبب إلقاء الرعب في قلوب أعداء الله – وذلك بعد الإعداد الجيد [وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ].
10.  المتبعون لرسول الله ? : [قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ] واتباع رسول الله يكون بطاعته فيما جاء به قولا وعملاً واعتباره القدوة الحسنة وذلك امتثالاً لقول الله تعالى [ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا] [مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ] مع كثرة الصلاة عليه وحفظ أحاديثه، وذلك مما يوجب شفاعته يوم القيامة.
·  وما هو مقام وجزاء من يحبه الله؟
إن حب الله للعبد يوجب حب الملائكة ودعاءهم له، ففي الحديث الشريف (إذا أحب الله عبداً نادى جبريل : إن الله تعالى يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل فينادي في السماء أن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء (الملائكة) ثم يكتب له القبول في الأرض أي محبة الناس وودهم وتقربهم إليه وتقديم كل عون له ودفع كل أذى عنه لقوله تعالى: [إنَّ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وداً] وتكون له الذكرى الحسنة بعد وفاته.
-  وفي الحديث الشريف (إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لايحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب) أي يشرح صدره ويهديه للمزيد من التقوى والأعمال الصالحة التي تزيده قرباً من الله تعالى [ والَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ].
مهندس / رزق الشناوى
دبلوم الدراسات العليا المعهد العالى للدراسات الإسلامية

دبلوم معهد إعداد الدعاه