خواطر ايمانية

أضواء علي الهجرة النبوية الشريفة

?إِلا تنصُروهُ فقدْ نصرَهُ اللهُ إِذْ أَخرجَهُ الذينَ كَفَروا ثانيَ اثنينِ إِذْ هُمَا في الغَارِ إِذْ يقولُ لصاحبِهِ لا تحزَنْ إِنَّ اللهَ معَنا فأنزلَ اللهُ سكينتَهُ عليهِ وأيَّدَهُ بجنودٍ لمْ تَرَوْهَا وجَعَلَ كلمةَ الذينَ كفَروا السُّفلى وكلمةَ اللهِ هيَ العُليَا واللهُ عزيزٌ حكيمٌ? صدق الله العظيم سورة التوبة/40 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين القبائل يعرض عليهم الإسلام في مواسم الحج بمكة, فيأتي القبيلة تلو الأخرى ويقول لهم:" أيهـا النـاس قولـوا لا إلـه إلا الله تفلحوا " وصناديد قريش من خلفه ومنهم عمه أبو لهب يدخل من ورائه ليقول لهم لاتصدقوه إنه كاذب ومجنون ولكنه لم يكل ولم يمل في نشر الدعوة ، ووسط هذا الصمود الرهيب من النبي صلى الله عليه وسلم ..أتي وفد من كبراء قريش إلي أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون له يا أبا طالب ماذا يريد ابن أخيك إن كان يريد جاهاُ أعطيناه فلن نمض أمراٌ إلا بعد مشاورته، وإن كان يريد مالاً جمعنا له حتى يصير أغنانا وإن كان يريد الملك توجناه علينا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عمه بقوله :" والله ياعمي لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بشمالي ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه " ولما يئسوا زاد تنكيلهم بمن اتبع دينه واجتمع رؤساؤهم وكبرائهم ليتشاوروا فيما يصنعون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قائل منهم: نحبسه مكبلاُ بالحديد حتى يموت، وقال آخر: نخرجه وننفيه من بلادنا، فقال أحد كبرائهم: ما هذا ولا ذاك برأي؛ لأنه إن حُبس ظهر خبره فيأتي أصحابه وينتزعونه من بين أيديكم، وإن نُفي لم تأمنوا أن يتغلب على من يحل بحيهم من العرب ؛ بحسن حديثه وحلاوة منطقه حتى يتبعوه فيسير بهم إليكم، فقال الطاغية أبو جهل: الرأي أن نختار من كل قبيلة فتى ثم يضربه أولئك الفتيان ضربة رجل واحد؛ فيتفرق دمه في القبائل ؛ فلايقدر بنو عبد مناف على حرب جميع القبائل. فأعجبهم هذا الرأي واتفقوا جميعاً وعينوا الفتيان.
فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بكيد المشركين وأمره بأن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه ومن هنا بدأ التحضير للهجرة...فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمره أن يبيت على فراشه ففعل، ثم ذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخبره وأذن له أن يصطحبه ،واتفقا على إعداد الراحلتين اللتين هيأهما أبو بكر الصديق لذلك، واختارا دليلاُ يسلك بهما أقرب الطرق،وفي هذه الليلة خرج صلى الله عليه وسلم وهم على بابه ومعه حفنة تراب فجعل يذرها على رؤوسهم وهو يقرأ : ?يـس والقرءانِ الحكيمِ إنّكَ لمنَ المرسلينَ على صِراطٍ مستقيمٍ تنـزيلَ العزيزِ الرحيمِ لِتُنْذِرَ قومًا ما أُنذِرَ ءاباؤهُمْ فهُمْ غافلونَ لقدْ حَقَّ القولُ على أكثرِهِمْ فهُمْ لا يؤمنونَ إنَّا جعَلْنَا في أعناقهم أَغْلالاً فهيَ إِلى الأَذْقانِ فهُمْ مُقمَحونَ وجعَلْنَا مِنْ بينِ أَيدِيهِمْ سَدًّا ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فأَغْشَيْناهُمْ فهُمْ لا يُبْصِرونَ? سورة يـس 1ـ9 وتوجه إلى دار أبي بكر وخرجا معاً وتوجها إلى جبل ثور بأسفل مكة ومكثا فيه ثلاث ليال حتى ينقطع طلب القوم عنهما، وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يصبح في القوم ويستمع منهم الأخبار فيأتيهما كل ليلة بما سمع، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام ، وقد أمرعبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى الغنم ويأتي بها إلى ذلك الغار ليختفي أثر أقدامه وأثر أقدام أسماء بنت أبي بكر.. ومن معجزات الهجرة فشل كل محاولات قريش في تتبعه وإعادته منذ خروجه من بيته أمام عيونهم التي أغشاها الله ودخوله الغار مع صاحبه وتجلت عناية الله في الطريق وشهدت بذلك "أم معبد" كما شهد سراقة حتى وصل إلى المدينة المنورة واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في طريقهما حتى وصلا قُباء" من ضواحي المدينة" في يوم الاثنين من ربيع الأول فاستقبل بفرح المؤمنين، وأنشد الأنصار طلع البدر علينا من ثنيات الوداع... وجب الشكر علينا ما دعى لله داع ...أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع... جئت شرفت المدينة مرحباً يا خير داع... وأقام مسجداٌ ، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع ميثاقاٌ عظيماٌ لتنظيم العلاقة بين المقيمين فيها... كانت الهجرة في السنة الثالثة عشرة من بعثة المصطفي وكان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من بدأ التأريخ للأشهر القمرية بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حيث جعل حادث الهجرة أول التقويم الإسلامي،, حيث كتب له أبو موسى الأشعري: أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ ، فجمع عمر رضي الله عنه الناس فقال بعضهم :" أرخ بالمبعث ، وقال بعضهم أرخ بالهجرة ، فقال عمر : الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخو بها " وكان ذلك عام 622 ميلادية ..وها نحن نستقبل عام1434 عام هجري جديد أعاده الله علينا وعلي الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.